الآية رقم (190) - فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾: انظر للإنسان كيف هو كنودٌ كفّارٌ! عندما آتاهما الله سبحانه وتعالى المولود وكان صالحاً جعلا له شركاء، قال بعض المفسّرين: من شركهم أن يسمّونه: عبد الدّار وعبد العُزّى… المهمّ أنّ الكناية في هذا الأمر بأنّ الإنسان عندما يكون في شدّة يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى ، وعندما تذهب عنه الشّدّة يُشرك به عزّ وجلّ، وليس المقصود أن يضع وثناً أو حجراً أو صنماً يعبده، بل يعتقد بالأسباب بدلاً من الله سبحانه وتعالى .

﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾: تعالى علوّاً كبيراً عن إشراك النّاس.

عن شدّاد بن أوس رضي الله عنه قال: بينما أنا عند رسول الله : إذ رأيت بوجهه أمراً ساءني فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله ما الّذي أرى بوجهك؟ قال: «أمر أتخوّفه على أمّتي من بعدي»، قلت: وما هو؟ قال: «الشّرك وشهوة خفيّة»، قال: قلت: يا رسول الله، أتشرك أمّتك من بعدك؟ قال: «يا شدّاد، أما إنّهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ولا حجراً ولكن يراؤون النّاس بأعمالهم»([1])، أي عندما تعمل العمل فهذا العمل يكون رياءً ونفاقاً فتعالى الله سبحانه وتعالى  عمّا يشركون، كما يقول الله جلّ جلاله في الحديث القدسيّ: «أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»([2])، فعندما تعمل العمل يجب أن يكون خالصاً لله سبحانه وتعالى.

 


([1]) المستدرك على الصّحيحين للحاكم: ج4، ص/366، الحديث رقم (7940).
([2]) صحيح مسلم: كتاب الزّهد والرّقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، الحديث رقم (2985).

«فَلَمَّا» لما ظرفية شرطية. «آتاهُما» فعل ماض فاعله هو والهاء مفعوله الأول. وما للتثنية. «صالِحاً» صفة لمفعول ثان أي ولدا صالحا، والجملة في محل جر بالإضافة. «جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور والألف فاعله و «شُرَكاءَ» مفعوله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. «فِيما» ما اسم موصول في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة شركاء، وجملة «آتاهُما» صلة. «فَتَعالَى اللَّهُ» فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل والجملة مستأنفة. «عَمَّا يُشْرِكُونَ» ما مصدرية وهي مع الفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل أي: تعالى الله عن شركهم.

فَتَعالَى اللَّهُ: تعاظم وتنزه عن الشريك والولد

عَمَّا يُشْرِكُونَ: أي أهل مكة به من الأصنام.وأجريت الأصنام مجرى العقلاء أولي العلم في قوله: (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة. والمعنى: أيشركون ما لا يقدر على خلق شيء كما يخلق الله وهم يخلقون.