الآية رقم (129) - فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾: فإن استمعوا إلى هذه الحيثيّات وآمنوا فأهلاً بهم، وإن تولّوا ولم يسمعوا لهذه الحيثيّات ولم يدخل القرآن الكريم قلوبهم، فإيّاك يا محمّد أن تظنّ بأنّك منصورٌ بهم، إنّهم هم المنصورون بك؛ لأنّك منصورٌ بالله سبحانه وتعالى، فإن تولّوا عنك وأعرضوا عن الإيمان بالله سبحانه وتعالى فقل: حسبي الله؛ أي لا أجعل في حسابي إلّا الله عز وجل، وأعلنها للنّاس كافّةً حتّى يسمعوها ويتعلّموها، ولعلّ في إعلانها وإعلانك يا محمّد لها ما يلفتهم إلى الحقيقة؛ لأنّك تتحدّث برصيد الإيمان وهو قولك: حسبي الله ونعم الوكيل، فلا إله غيره سبحانه وتعالى ولا ناصر ومعين غيره، ولا يستطيع أحدٌ أن يُعارِض أوامر الله سبحانه وتعالى، فرصيد ﴿حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ إثباتٌ لوجود الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد، فلن تجد إلّا الله سبحانه وتعالى، وما دام هو حسبك فسبحانه سوف يحميك وينصرك، والنّبيّ ﷺ يتوكّل على الله سبحانه وتعالى ويجعل الحمل عليه سبحانه، والتّوكّل هو أن تعمل الجوارح وتتوكّل القلوب، والكسالى هم الّذين يريدون أن يكون التّوكّل للجوارح وليس للقلوب.

﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾: ما هو العرش؟ هو استتباب الـمُلك، وبما أنّ الله سبحانه وتعالى وصف العرش بأنّه عظيمٌ فالعظمة هنا على مقدار عظمة الله جلّ وعلا، فربّ الكون سبحانه وتعالى في عالم الملكوت يدبّر كلّ شيءٍ بكمال قدرته، وكلّ ما في الكون مُلكٌ لله سبحانه وتعالى.

﴿الْعَرْشِ﴾ : باللّغة هو السّقف، فحين تبني دوراً واحداً تصنع له سقفاً يحمي من الشّمس والمطر … إلخ، لكن عندما يقول الله سبحانه وتعالى:﴿الْعَرْشِ﴾ ؛ أي استواء الأمر، ويدخل فيه المقدور كلّه، لذلك العرش يعبّر عن الـمُلك، كما في قوله سبحانه وتعالى:﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ ]النّمل[، هذا في الدّنيا فكيف بالعرش بالنّسبة إلى الله سبحانه وتعالى؟!

«فَإِنْ»: الفاء استئنافية وإن شرطية.

«تَوَلَّوْا»: ماض مبني على الضم والواو فاعله والجملة مستأنفة.

«فَقُلْ»: الفاء رابطة لجواب الشرط وأمر فاعله مستتر والجملة في محل جزم جواب الشرط.

«حَسْبِيَ»: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء مضاف إليه.

«اللَّهُ»: لفظ الجلالة خبر والجملة مقول القول.

«لا»: نافية للجنس تعمل عمل إنّ.

«إِلهَ»: اسم لا.

«إِلَّا»: أداة حصر.

«هُوَ»: بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف والجملة مقول القول.

«عَلَيْهِ»: متعلقان بتوكلت.

«تَوَكَّلْتُ»: ماض وفاعله والجملة مستأنفة.

«وَهُوَ»: الواو حالية هو مبتدأ والجملة حال.

«رَبُّ»: خبر.

«الْعَرْشِ»: مضاف إليه.

«الْعَظِيمِ»: صفة.

فَإِنْ تَوَلَّوْا: عن الإيمان بك.

فَقُلْ حَسْبِيَ: كافي.

تَوَكَّلْتُ: وثقت به لا بغيره.

وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الكرسي الْعَظِيمِ: خص العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات.