﴿فَأَنجَيْنَاهُ﴾: إذاً حدثت معجزةٌ لم يتحدّث عنها المولى سبحانه وتعالى هنا بالتّفصيل، وكلمة: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ﴾، إذاً يوجد عذابٌ وقع حتّى أنجاه الله تبارك وتعالى.
﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾: غبر: بقي؛ أي بقيت في مكانها الّذي كانت موجودةً فيه مع من بقوا في ديارهم فأطاح بها العذاب العظيم الّذي حلّ بقومها.
وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التّحريم]، هذا بيانٌ بأنّ العقيدة محميّةٌ بالاختيار، فلا يوجد إنسانٌ على وجه الأرض يمكن أن يُجبر على الإيمان أو على الكفر، والدّليل امرأة لوطٍ وامرأة نوحٍ، كانتا زوجتي نبيَّين؛ نوحٍ ولوطٍ عليهما السّلام، ومع ذلك لم تؤمنا، فزوجة نوحٍ أُغرقت، وزوجة لوطٍ قضي عليها بالحجارة وبانقلاب القرية بكاملها، أمّا زوجة مدّعي الرّبوبيّة فرعون فكانت مؤمنةً: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التّحريم].