﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ﴾: كما تضرب النّقود، أي تصكّ، مثلاً كيفيّة ضرب اللّيرة أن يُصنع لها قالب، هذا القالب يبرز كلّ ما فيها، هذا هو معنى الضّرب، أي شيء أصيل يُنسخ عنه مثيلٌ له.
﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ﴾: لماذا هم أذلّاء؟ الله سبحانه وتعالى لا يظلم النّاس شيئاً ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون، وقد قال تبارك وتعالى عن اليهود: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا﴾ [النّساء]، نتيجة قتلهم الأنبياء وجحودهم بآيات الله وكثرة المطالب الّتي طلبوها من سيّدنا موسى عليه السلام ضُربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا، وأينما وجدوا هم أذلّاء إلّا في حالتين:
– الحالة الأولى: ﴿إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ﴾ الحبل هنا بمعنى الميثاق الّذي جعله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لليهود، فعندما جاء صلَّى الله عليه وسلَّم والمسلمون إلى المدينة المنوّرة لم يبدؤوهم بالعداوة على الإطلاق، وإنّما وقّع معهم النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم العهود والمواثيق وهذا ما جرى مع بني النّضير وبني قينقاع وبني قريظة، وكلّ اليهود الّذين استوطنوا المدينة المنوّرة، وهذه الذّلّة مضروبة عليهم باستثناء الميثاق الّذي تمّ بين رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبينهم.