﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾: هم لم يقولوا بعد، ومع ذلك عندما جاء القرآن الكريم وقال: بأنّهم سيقولون هذا، فقد قالوه، فإنّ عدوّ الله سبحانه وتعالى يؤدّي الدّليل على صدق الله عزَّ وجلّ.
وهذه شبهةٌ تشبّث بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرّموه، فيقولون: إنّ الله مطّلعٌ على ما نحن فيه من الشّرك والتّحريم، وهو قادرٌ على تغييره بأن يُلهمنا الإيمان، أو يحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيّره، فدلّ ذلك على أنّ ما نحن فيه بمشيئته وإرادته ورضاه، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [الزّخرف].
هنا يجب أن ننتبه بأنّهم قد جاؤوا بقضيّةٍ في العقيدة وقضيّةٍ في التّكاليف، في العقيدة أنّه: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾، فيجب أن ننتبه أنّ هناك مشيئةً كونيّةً لله سبحانه وتعالى ومراداً شرعيّاً، المشيئة الكونيّة لله سبحانه وتعالى لا يستطيع أحدٌ الخروج عنها، بالمعنى العامّ، صحيحٌ لو شاء الله عزَّ وجلّ ما أشركوا لا هم ولا آباؤهم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس]، ولو شاء لأتى النّاس جميعاً طائعين له سبحانه وتعالى، فإذاً من مشيئة الله عزَّ وجلّ أن جعل لك مشيئةً، قال سبحانه وتعالى: ﴿مَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ۚ[الكهف: من الآية 29]