عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أسمع النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُكثر أن يدعو: «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك»، قلت: يا رسول الله، دعوة أراك وأسمعك تُكثر أن تدعو بها: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك، قال: «ليس من آدميّ إلّا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله، إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه»([1]).
(بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا): فالهداية تكون من الله سبحانه وتعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [القصص: من الآية 56]، ومن كتاب الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: من الآية 9] ومن سنّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشّورى: من الآية 52].
(وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً): هب لنا؛ لأنّ الرّحمة عطاء وهبة من الله تبارك وتعالى، فهي ليست حقّ لك. ودين الإسلام صفته الأساسيّة أنّه دين الرّحمة لماذا؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى قال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء]، فديننا رحمة بالإنسان وبالحيوان وبالنّبات وبجميع خلق الله، فكيف بدينٍ عنوانه الرّحمة وربّه سبحانه وتعالى من أسمائه: الرّحمن الرّحيم، ونبيّه هو رحمة للعالمين، ثمّ يكون المسلم مصدراً للقتل وللشّرّ وللأذيّة ولجميع أنواع الآثام في المجتمعات، كيف نحوّل الإسلام من دين رحمة ومن عطاء إلهيّ ومن نبيّ كريم يقول له المولى سبحانه وتعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم]، إلى إجرام وقتل؟!