الآية رقم (9) - رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ

(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ): كلّ إنسان ينظر إلى الحياة العاجلة فقط فهو ينظر إلى جزء من مسرح الحياة، فمسرح الحياة له فصلان: الفصل الأوّل الحياة الدّنيا، والفصل الثّاني الحياة الآخرة، فإذا أهملت الفصل الثّاني فإنّك تجد الصّورة مبهمة ومشوّشة، والأساس في عمل الإنسان أنّ الله تعالى جامع النّاس ليوم لا ريب فيه، هذا اليوم هو يوم القيامة والوقوف بين يدي الله عز وجل للحساب، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم)  [الشّعراء]، (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا  * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) [الفرقان].

فالمؤمنون يقولون في دعائهم: إنّك -يا ربّنا- ستجمع بين خلقك يوم معادهم، وتفصل بينهم وتحكم فيهم فيما اختلفوا فيه، وتجزي كلّاً بعمله، وما كان عليه في الدّنيا من خير وشرّ.

 (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ): إذا وعد المولى سبحانه وتعالى فإنّ وعده محقّق.

رَبَّنا: منادى

إِنَّكَ جامِعُ: إن واسمها وخبرها

النَّاسِ: مضاف إليه

لِيَوْمٍ: متعلقان بجامع

لا رَيْبَ: لا نافية للجنس

رَيْبَ: اسمها المبني على الفتح

فِيهِ: متعلقان بمحذوف خبر لا. والجملة في محل جر صفة ليوم

إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ: إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة لا يخلف الميعاد خبرها.

وجملة «إِنَّ اللَّهَ … » تعليلة.

جامِعُ النَّاسِ: جمع الناس: حشرهم للحساب والجزاء

لا رَيْبَ فِيهِ: لا شك في وقوعه، وهو يوم القيامة لأنك أخبرت به، وقولك الحق، فتجازي الناس بأعمالهم، كما وعدت بذلك.

إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ: موعده بالبعث فيه. فيه التفات عن الخطاب إلى الغيبة.

والغرض من الدعاء بذلك: بيان أن همهم أمر الآخرة، ولذلك سألوا الثبات على الهداية، لينالوا ثوابها.