الآية رقم (34) - ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

تناقل النّسل فيما يتعلّق بالأنبياء عليهم السَّلام هو قيم وليس بدن، الدّليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة: من الآية 124]،  كلّ هؤلاء الأنبياء الّذين ذُكروا من ذريّة سيّدنا إبراهيم عليه السلام لكنّ الله استثنى من ذريّته الظّالمين، فإن وُجد أحد من هذه الذّريّة لا يحمل القيم ذاتها فيُستثنى، هذا معنى (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ)

(وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ): من عظمة القرآن الكريم أنّ الله سبحانه وتعالى عندما تحدّث عن الذّريّة تتوقّع بعدها أن يقول: (والله عليم حكيم)، لكن المفاجئ أنّه قال: (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) والسّبب أنّه يتحدّث عن ذريّة الأنبياء، وقد دعا سيّدنا إبراهيم وإسماعيل: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة]،  ودعا زكريّا عليه السلام: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) [آل عمران: من الآية 38]،  فإذاً هنا (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فقد سمع دعاء إبراهيم وإسماعيل وزكريّا ودعاء الأنبياء الّذين دعوا للذّريّة، وهو عليم أين يجعل رسالته.

ذُرِّيَّةً: بدل من نوح.. منصوب بالفتحة أو حال

بَعْضُها: مبتدأ

مِنْ بَعْضٍ: متعلقان بمحذوف خبر، والجملة في محل جر صفة لذرية

وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وخبراه والجملة مستأنفة.

ذُرِّيَّةً: الذرية في الأصل: صغار الأولاد، ثم استعملت في الصغار والكبار، وللواحد والكثير، والمراد: ذرية يشبه بعضها بعضا.