﴿ذَٰلِكَ﴾: أي بما تمّ، فالله سبحانه وتعالى أنذر ووعد وأرسل الرّسل.
﴿أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ﴾: أي نبّهناهم وأرسلنا إليهم رسالاتٍ، ولا يمكن لله سبحانه وتعالى أن يُهلك القرى وأهلها غافلون؛ لذلك نقول: هناك فارقٌ ما بين الصّالح والمصلح، الصّالح هو الإنسان الّذي يعمل على صلاح نفسه، أمّا المصلح فهو مَن يعمل على إصلاح غيره وإنقاذهم مِن الغفلة، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبل نزول الرّسالة شهدت له مكّة وقريش بأنّه كان صالحاً أميناً صادقاً، وعندما نزلت الرّسالة وأراد أن يصلح النّاس أصبح ساحراً ومجنوناً وكذّاباً؛ لأنّ النّاس لا تريد مَن يخرجهم من غرورهم ونزواتهم وشهواتهم، فحرب الشّهوات هي حربٌ عاتيةٌ، لذلك فرّق المولى سبحانه وتعالى فقال: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود]، لم يقل: (صالحون)؛ لأنّه لا بدّ من دعوة الخير للغير، هنا الآية جاءت: ﴿ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾، غافلون: أي أنّهم لم يأتهم رسل، والمولى سبحانه وتعالى لا يجرّم إلّا بنصٍّ، وبعد أن يُرسل الرّسل، ويبلّغهم بأن يكونوا مصلحين، فعندما جاء آدم عليه السَّلام جاء بالمنهج من الله سبحانه وتعالى؛ لأنّه نزل من الجنّة إلى الأرض، ولكن بعدها بدأ الإفساد في الأرض بعد الصّلاح، إذاً الإفساد طارئٌ، وهو من صنع النّاس، قال سبحانه وتعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الرّوم: من الآية 41].