تفسير سورة الانشقاق

تتّفق هذه السّورة العظيمة مع سورتي (التّكوير) و(الانفطار) بأنّها تبدأ بمجموعةٍ من الجمل الشّرطيّة، ففي (الانفطار) كان جواب الشّرط: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار]، بينما هنا بعد الشّرط جاء مباشرةً قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾، لم يذكر جواباً للشّرط؛ لأنّنا استغنينا بجواب الشّرط السّابق في سورتَي (التّكوير) و(الانفطار)، فما ذُكِرَ سابقاً أغنى عن إعادة المعنى، هذا أسلوبٌ في الأداء القرآنيّ العظيم يفسح المجال للتّأمّل ويُعطي العقل فرصةً ليتدبّر ويتمعّن في المعنى ويستنبط بنفسه، فالمعنى موطنٌ من مواطن الإثارة العقليّة، فقد جعل الله سبحانه وتعالى  شرطاً في السّورتين السّابقتين ممّا أعطانا صورةً كاملةً لما يحدث في يوم القيامة من دماٍر وانقلابٍ كونيٍّ هائلٍ، فنذكر نحن الجواب ونُعمل فيه العقول ونذهب فيه بالتّأويل لمذاهب شتّى، فنفهم من هذا بأنّها تحدّد صورة الحقيقة وإن كانت مبهمةً، ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾، فإذا السّماء انشقّت وإذا… يأخذ المؤمن كتابه بيمينه ويُحاسب حساباً يسيراً، ويأخذ الكافر كتابه وراء ظهره ويُحاسب حساباً عسيراً.