الآية رقم (2-3) - الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ

هنا يَرِدُ سؤالٌ: هل هذا تكرار؟! وقد قلنا: إنّ القرآن الكريم ليس فيه تكرار بل أسرار، وهذا الإعجاز لا يمكن أن يكون في غير كلام الله تعالى، وهناك أمثلة تدلّ عليه مثل قوله عزَّوجل ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنعام: من الآية 11]، وهذه آية نزلت على قلب سيّدنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وفي وقت النّزول لم تكن هناك مشكلة في فهم الآية، ولكنّ العقل محدود التّصوّر، والقرآن الكريم ليس له حدود، فكلام الله من صفات الله سبحانه وتعالى، ولذلك رفض الإمام أحمد بن حنبل أن يقول: إنّ القرآن الكريم مخلوق؛ لأنّه من صفات الله سبحانه وتعالى، وهو محقٌّ في موقفه ذلك.

ونعود إلى قول الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾، لم يقل: (على الأرض)، مع أنّنا قد نقول: إنّنا نسير على الأرض، وقد سمع العرب هذه الآية حين نزولها وهم أهل بلاغة، سمعوها وقبلوها؛ لأنّها لا تُصادم العقل البشريّ في القرن السّابع الميلاديّ في شبه جزيرة العرب، فحملوها على المقصود لغة، أي: سيروا في كلّ أماكن الأرض، أمّا الآن وفي القرن الواحد والعشرين أصبحنا نعلم أنّ الأرض ليست هي الكرة الأرضيّة فحسب، وإنّما تشمل الغلاف الجوّيّ المحيط بها، فهو جزء من الأرض، فأنت لا تسير على الأرض، وإنّما في الأرض، ولا تخرج من الأرض إلّا إذا خرجت مخترقاً الغلاف الجوّيّ المحيط بها. والقائل هو الله سبحانه وتعالى، وهو العالم والخالق والعليم، وكلّ حرفٍ يأتي به له دلالة، ولا بدّ من أن نفسّر كلّ كلمة بالمعنى الحرفيّ اللّغويّ والاصطلاحيّ، وبالمعنى العلميّ بما يُناسب العلم.

الْحَمْدُ: مبتدأ مرفوع.

لِلَّهِ: لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بخبر محذوف تقديره الحمد واجب.

رَبِّ: صفة لله، أو بدل منه.

الْعالَمِينَ: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الرَّحْمنِ: صفة لله تعالى.

الرَّحِيمِ: صفة لله تعالى.

الْحَمْدُ: الثناء بالجميل على الفعل الاختياري، وهو أعم من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة.

اللَّهِ: علم على الذات العلية المقدسة، ومعناه: المعبود بحق، وقيل: إنه اسم الله الأعظم، ولم يتسمّ به غيره.

رَبِّ: الرب المالك والسيد المعبود والمصلح والمدبر والجابر والقائم، فيه معنى الربوبية والتربية والعناية بالمخلوقات.

الْعالَمِينَ: جمع عالم، وهو كل موجود سوى الله تعالى، ولفظ العالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه، مثل رهط وقوم.

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: صفتان لله مشتقتان من الرحمة، لوحظ في كل منهما معنى معين.

الرحمن: صيغة مبالغة بمعنى: عظيم الرحمة.

الرَّحِيمِ: بمعنى دائم الرحمة.