(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ): أعمال الحجّ وواجباته وأركانه يتمّها الحاجّ في أيّام وليس في أشهر، لكن الاستعداد والسّفر إلى الحجّ، والطّريق إلى الحجّ وما يتعلّق بمناسك الحجّ، قد تحتاج إلى هذه الأشهر: شوّال وذي القعدة وذي الحجّة، قلنا: إنّ الصّيام محدّد بشهر رمضان، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: من الآية 185]، أمّا بالنّسبة إلى الحجّ فهو هذه الأشهر الثّلاثة المعدودة، طبعاً وما يتعلّق بذي القعدة وذي الحجّة تحديداً.
(مَّعْلُومَاتٌ): أشهر الحجّ كانت معلومة، وكانت العرب تحجّ البيت قبل الإسلام، وحجّ البيت ابتدأ من نداء سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام، قال سبحانه وتعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحجّ]، فهذه الآيات تبيّن لنا أنّ الّذي أذّن في النّاس بالحجّ هو سيّدنا إبراهيم الخليل عليه السَّلام، وعندما نقول: (أذِّن) يعني: أعلم، وجاءت من الأُذن، والآذان جاء من الأُذن.