الآية رقم (197) - الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ): أعمال الحجّ وواجباته وأركانه يتمّها الحاجّ في أيّام وليس في أشهر، لكن الاستعداد والسّفر إلى الحجّ، والطّريق إلى الحجّ وما يتعلّق بمناسك الحجّ، قد تحتاج إلى هذه الأشهر: شوّال وذي القعدة وذي الحجّة، قلنا: إنّ الصّيام محدّد بشهر رمضان، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: من الآية 185]، أمّا بالنّسبة إلى الحجّ فهو هذه الأشهر الثّلاثة المعدودة، طبعاً وما يتعلّق بذي القعدة وذي الحجّة تحديداً.

(مَّعْلُومَاتٌ): أشهر الحجّ كانت معلومة، وكانت العرب تحجّ البيت قبل الإسلام، وحجّ البيت ابتدأ من نداء سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام، قال سبحانه وتعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحجّ]،  فهذه الآيات تبيّن لنا أنّ الّذي أذّن في النّاس بالحجّ هو سيّدنا إبراهيم الخليل عليه السَّلام، وعندما نقول: (أذِّن) يعني: أعلم، وجاءت من الأُذن، والآذان جاء من الأُذن.

الْحَجُّ: مبتدأ.

أَشْهُرٌ: خبره.

مَعْلُوماتٌ: صفة.

فَمَنْ: الفاء الفصيحة من اسم شرط جازم مبتدأ.

فَرَضَ: فعل ماض والفاعل هو، وهو فعل الشرط.

فِيهِنَّ: جار ومجرور متعلقان بفرض.

الْحَجُّ: مفعول به وجملة فرض جواب شرط غير جازم لا محل لها والجملة الاسمية. «

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ): استئنافية لا محل لها.

فَلا: الفاء رابطة لجواب الشرط لا نافية للجنس تعمل عمل إن.

رَفَثَ: اسمها مبني على الفتح.

وَلا فُسُوقَ: عطف على فلا رفث.

وَلا جِدالَ: عطف عليها.

فِي الْحَجِّ: متعلقان بمحذوف خبر لا وجملة لا رفث في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر من.

وَما: الواو استئنافية ما اسم شرط جازم في محل نصب مفعول به مقدم.

تَفْعَلُوا: مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل

مِنْ خَيْر: متعلقان بمحذوف حال من ما.

يَعْلَمْهُ: فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والهاء مفعول به.

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل والجملة جواب الشرط لا محل لها.

وَتَزَوَّدُوا: الواو عاطفة تزودوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة.

فَإِنَّ: الفاء تعليلية إن حرف مشبه بالفعل.

خَيْرَ:  اسمها.

الزَّادِ: مضاف إليه.

التَّقْوى: خبرها والجملة لا محل لها تعليلية.

وَاتَّقُونِ: الواو عاطفة اتقون فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة المدلول عليها

بالكسرة مفعول به، والجملة معطوفة.

يا أُولِي: يا أداة نداء أولي منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الْأَلْبابِ: مضاف إليه.

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ: وقته شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة، في رأي الشافعي

وقال الجمهور: يجوز الإحرام بالحج فيما عدا هذه الأشهر مع الكراهة.

فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ: أي ألزمه نفسه بالشروع فيه بالنية قصداً باطناً، وبالإحرام فعلًا ظاهراً.

فَلا رَفَثَ: جماع فيه

وَلا فُسُوقَ: عصيان

وَلا جدالَ: خصام ومجادلة

والمراد بالنفي في الثلاثة: النهي عنها.

وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ: كصدقة يَعْلَمْهُ اللَّهُ فيجازيكم به، ونزل في أهل اليمن، وكانوا يحجون بلا زاد، فيكونون كلّا على الناس.

وَتَزَوَّدُوا: ما يبلغكم لسفركم

فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى: ما يتقى به سؤال الناس وغيره

واتقوا الله يا أولي: العقول.

والألباب: جمع لبّ، ولبّ كل شيء: خالصة، ولذلك قيل للعقل: لبّ.