وهو يوسوس في صدور النّاس الموسوَس إليهم.
هكذا نجد أنّ كلمة ﴿النَّاسِ﴾: جاءت للتّعبير عن المربوبين والمملوكين والمألوهين والموسوَس إليهم، وهذا من بلاغة اللّغة العربيّة وروعتها، وأنّ من يوسوس قد يكون من الجنّ وقد يكون من الإنس، فليس هناك تكريرٌ، بل جاءت الكلمة الواحدة بمعنىً يناسب كلّ موضعٍ جاءت فيه.
﴿يُوَسْوِسُ﴾: الوسوسة: لغةً هي الصّوت الّذي يُغري بالكلام المعسول، ولذلك أُخذت كلمة وسوسة الشّيطان من وسوسة حليّ الذّهب، له رنينٌ، يجذب الأسماع ويُغري للتّطلّع إليه، كأنّ الله سبحانه وتعالى يُحذّرنا من أنّ الشّيطان سيدخل لنا من طريق الإغراء والتّزيين، فإذا سهوت عن الله سبحانه وتعالى اجترأ عليك ووسوس لك، وإذا ذكرت الله سبحانه وتعالى خنس وضعُف، فهو لا يدخل مع الله جلَّ جلاله في معركةٍ، وإنّما يدخل مع خلق الله سبحانه وتعالى الّذين ينسونه جلَّ جلاله ويبتعدون عنه سبحانه.
﴿فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾: أي في قلوبهم وفي نفوسهم وفي إرادتهم وفي عقولهم، فلا يكون علانيةً كما هي وسوسة النّاس للنّاس.