بعد الحديث عن أحكام العدّة بيّن الله سبحانه وتعالى ما شرع من الطّلاق فقال:(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ): أحكام الشّريعة الإسلاميّة هي للخير والصّلاح، فلا يكون إفساد في المجتمع والبيت والأسرة إلّا من مخالفة الإنسان لمنهج الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يدعو إلى السّلام وإلى القيم وإلى الأخلاق وإلى ما يُصلح المجتمعات.
هنا الحديث يتعلّق بالمرأة وبحقوقها، وما يتعلّق ببناء الأسرة وفق هذا الميثاق الغليظ، الّذي هو عقد الزّواج الّذي لا تنحلّ عراه والّذي يتمّ بالإيجاب والقبول وشهادة الشّهود والمهر، هذه أحكام العقد فيبيّن الآن أحكام الطّلاق في حال النّفور الكامل وعدم الطّريق للإصلاح فقال: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنّي أسمع الله يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) فأين الثّالثة؟ قال: «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثّالثة»([1])، كذا الثّالثة الّتي لا يجوز للرّجل أن يعود بعدها إلّا إذا تزوّجت من غيره، الطّلاق ثلاث مرّات اثنتان لك، والثّالثة ليست لك، هكذا المعنى تماماً لذلك نقول: طَلَّقها بالثّلاثة، الطّلاق بالثّلاثة لماذا ليس باثنين؟ الله سبحانه وتعالى يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)؛ لأنّ الثّالثة لا تحلّ له بعدها، تلك الثّلاثة، أمّا الاثنان فيجوز إمّا إمساك بمعروف أي العودة أو تسريح بإحسان، أمّا الثّالثة فهي الطّلقة الّتي لا يجوز بعدها عودة، لذلك نحن نقول: إنّ الحكم بالنّسبة للطّلاق لا يجوز للرّجل أن يتلفّظ بألفاظ الطّلاق في جلسة واحدة كأن يقول: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، دون مرور زمن لكلّ فترة من هذه الفترات، والّتي هي في الفترة الأولى إمساك بمعروف، وفي الفترة الثّانية تسريح بإحسان، وفي الفترة الثّالثة طلاق بائن، لكن بأزمنة مختلفة حتّى يقع الطّلاق الثّلاث، فلا يعتقد بعضهم الأمر بهذه السّهولة أن يقول: أنتِ طالق طالق طالق، أو: عليّ الطّلاق بالثّلاثة، هذا يمين واحد، وهذه طلقة واحدة، وليست ثلاث طلقات، الثّلاث طلقات يجب أن تكون بأزمنة مختلفة وبأمكنة مختلفة.