الآية رقم (5) - إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

لو أنّ هذا القرآن كتب بيد إنسان لقدّم الاستعانة على العبادة؛ لأنّ العبادة تحتاج إلى الاستعانة، لكنّ الله عزَّوجل يقدّم العبادة على الاستعانة كي يعلّمنا أنّ العبد عليه أن يقدّم أوّلاً أسباب الاستعانة وهي العبوديّة لله سبحانه وتعالى، فينال المعونة منه. فمن الأدب أن نقدّم أسباب العبوديّة أوّلاً فيأتينا من الله العون، كما رأينا في قصّة سيّدنا أيوب عليه السَّلام الّذي قال لربّه: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: من الآية 83]، ولم يقل: اشفني.. كذلك ذو النّون (سيّدنا يونس) عليه السَّلام حين كان في بطن الحوت، في ظلمات ثلاث، لم يقل: يا ربّ أخرجني من بطن الحوت، بل قال عليه السَّلام: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾  [الأنبياء: من الآية 87]، قدّم العبادة، فجاءته المعونة.

إِيَّاكَ: ضمير نصب منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.

نَعْبُدُ: فعل مضارع.

وَإِيَّاكَ: سبق إعرابها.

نَسْتَعِينُ: فعل مضارع أصله نستعون استثقلوا الكسرة على الواو ونقلوها إلى العين فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ: أي أن العبادة لله تبارك وتعالى لا نشرك به شيئا ولا نعبد إلا إياه.

وأعلنت أنَّك ستستعين بالله وحده بقولك: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

فإنَّك قد أصبحت من عباد الله.

ويُعلمك الله سبحانه وتعالى الدعاء الذي يتمناه كل مؤمن، ومادامت من عباد الله

فإن الله جل جلاله سيستجيب لك