الآية رقم (118) - إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

انظر لأدب السّيّد المسيح عليه السَّلام في الطّلب من الله عزَّ وجلّ: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ﴾،  يا ربّ، أنت الّذي خلقت، وهؤلاء عبادٌ من عبادك، فإن تعذّبهم فطلاقة القدرة والمشيئة لا نتدخّل بها، ﴿وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾، لم يقل: (الغفور الرّحيم)، وهذا يثبت دقّة الأداء القرآنيّ، فلو كان الإنسان هو من كتبه لكتب: (إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت الغفور الرّحيم)، لا يصحّ أن يقول السّيد المسيح: الغفور الرّحيم؛ لأنّه يصبح وكأنّه قد استند على مغفرة الله سبحانه وتعالى ورحمته ليغفر لهم، لكنّه استند على عزّة الله جلَّ جلاله وحكمته. العزيز: أي المستغني عن عبادة خلقه، الّذي لا يُغلب. والحكيم: الّذي يضع الشّيء في نصابه فأنت الّذي تعلم إن كانوا يستحقّون المغفرة أو لا، وهذا من دقّة القرآن الكريم.

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ: إن حرف شرط جازم وتعذبهم فعل الشرط والجملة مستأنفة

جملة «فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ» في محل جزم جواب الشرط، وقيل تعليلية والجواب محذوف ومثل ذلك «وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ، فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» إن واسمها وخبراها والجملة في محل جزم جواب الشرط.

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ: على الكفر والجحود.

فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ: الذين عرفتهم عاصين جاحدين لآياتك، مكذّبين لأنبيائك، وأنت مالكهم تتصرّف فيهم كيف شئت لا اعتراض عليك.

وَإِنْ تَغْفِرْ: لمن آمن منهم.

فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ: القوي القادر على الثواب والعقاب.

الْحَكِيمُ: في صنعه الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب.هذا أي يوم القيامة.