الآية رقم (58) - إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا

أمرٌ إلهيٌّ عامٌّ ومطلقٌ أن تؤدّوا الأماناتِ إلى أهلها، فما هو تعريف الأمانة؟ الأمانة بشكلٍ مبسّطٍ ما يكون لغيرك عندك من حقوقٍ وتستطيع أن تؤدّيها أو لا تؤدّيها، مثلاً: أحدهم وضع عندي أمانةً لم يوثّقها ولم يكتبها ولم يُشهد عليها شهوداً، فهي أصبحت بأمانتي، هذه تسمّى أمانة بين النّاس، أمّا الأمانة الأعظم فهي أمانة الإيمان بالله سبحانه وتعالى؛ لأنّه سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب]، ما هي الأمانة الّتي حملها الإنسان؟ هي أمانة الاختيار؛ أي أنّه يستطيع الاختيار بين أن يؤمن وبين ألّا يؤمن، لذلك نقول لكلّ النّاس: إنّ الدّين هو دين اختيارٍ، وهو دين أمانةٍ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا دين لمن لا أمانةَ له»([1])، فأوّل الأمانات الواجبة الأداء وأوّل حقٍّ من حقوق الأمانة هو أمانة اختيار الإيمان، هذه الأمانة الّتي تحدّث الله سبحانه وتعالى عنها بأنّ الجبال والسّماواتِ والأرض رفضت إلّا أن تأتي طائعةً من دون اختيار، أمّا الإنسان فقد حمل هذه الأمانة، فله الحريّة في أن يختار الإيمان أو الكفر، بدليل أنّ آياتٍ أخرى تقول: ﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: من الآية 29[، ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: من الآية 256]، لماذا؟ لأنّه أمانة، هذه الأمانة الّتي عرضها الله سبحانه وتعالى على السّماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، إنّه كان ظلوماً جهولاً.

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ: إن ولفظ الجلالة اسمها والجملة خبرها

أَنْ تُؤَدُّوا: المصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيأمركم والواو فاعل.

الْأَماناتِ: مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم

إِلى أَهْلِها: متعلقان بمحذوف حال من الأمانات

وَإِذا حَكَمْتُمْ: إذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف تقديره: يأمركم

حَكَمْتُمْ: فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة

بَيْنَ: ظرف مكان متعلق بحكمتم

النَّاسِ: مضاف إليه

أَنْ تَحْكُمُوا: فعل مضارع منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعله والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر وهو معطوف على المصدر الأول

بِالْعَدْلِ: متعلقان بتحكموا

إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ: نعم فعل ماض لإنشاء المدح ما نكرة تامة مبنية على السكون في محل نصب على التمييز والفاعل ضمير مستتر موضح بما وقيل أن الفاعل ما وهي اسم موصول يعظكم فعل مضارع ومفعوله والجار والمجرور متعلقان بالفعل وجملة يعظكم صفة ما.

إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً: تقدم إعراب ما يشبهها.

الْأَماناتِ جمع أمانة: وهي ما يؤتمن الشخص عليه، وفي عرف الناس: هي كل ما أخذته بإذن صاحبه. وتعمّ جميع الحقوق المتعلّقة بالذّمة، لله أو للناس أو لنفسه، ويسمى حافظها أميناً وحفيظاً ووفيّاً، ومن لا يحفظها ولا يؤدّيها خائناً.

بِالْعَدْلِ: إيصال الحق إلى صاحبه من أقرب طريق.

نِعِمَّا: فيه إدغام ميم «نعم» في «ما» النكرة الموصوفة أي نعم الشيء

يَعِظُكُمْ بِهِ: تأدية الأمانة والحكم بالعدل.