انتقل الكلام إلى يوم البعث، فما دام أثبت له العظمة في التّكوين والمواهب والـمَلَكات وهو في أصله ماءٌ مهينٌ، فهذا مُنتهى العناية والاهتمام، ولا بدّ أن يكون هناك مقابلٌ، وقلنا: إنّ السّورة جمعت قوسَي الوجود: الخلق الأوّل في الدّنيا والإعادة في الآخرة، فالدّنيا مرحلةٌ قصيرةٌ مطمورةٌ في حسابك وفي حساب الزّمن، وهي ليست الغاية وإنّما الوسيلة إلى غايةٍ أعظم وأبقى، وإذا كانت عناية الخالق بالخلق في الدّنيا كما وصفنا، فما بالك بعنايته سبحانه بخلقه في الآخرة؟ لذلك نجد أنّ الحديث عن الإيجاد الأوّل عاد إلى الإيجاد الآخر، فالإنسان لم يُخلَق للدّنيا، إنّما خُلِق ليُنعّم بعناية خالقه ويأنس به ويسير على منهجه.
ومسألة الإعادة بعد الموت مسألةٌ ممكنةٌ، فإحياء الموتى يوم القيامة ما هو إلّا كَدَورة الماء الّتي نراها في الكون.