يكرّر المولى سبحانه وتعالى ذكرَ الأنصاب والأزلام، وذكر الخمر والميسر؛ لأنّ الانتهاء والبعد عن الأنصاب والأزلام كان موجوداً في أيّامهم، وهذا من عظمة القرآن الكريم، ليعلم الإنسان أنّه: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾ [النّساء: من الآية 82]، فلو أنّ إنساناً كتب القرآن الكريم لأضاف الجملة وهي متابعةٌ للآية السّابقة، (إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام)، لكن قول الله تبارك وتعالى هنا لا يوجد فيه أنصابٌ وأزلامٌ؛ لعلمه سبحانه وتعالى أنّ موضوع الأنصاب والأزلام سينتهي، لكنّ موضوع الخمر والقمار سيبقى.
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾: إرادة الشّيطان ليست إرادة قهرٍ وإقناعٍ، إنّما إرادة تزيينٍ، والشّيطان عدوٌّ، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر]، هو يريد أن يوقع العداوة والبغضاء بين النّاس، فما الفارق بينهما؟ العداوة: يوجد فيها طرفان وانفصالٌ بينهما، أمّا البغضاء فتكون من طرفٍ واحدٍ بدون وجود التحامٍ بين الطّرفين، تبغض أحدهم نتيجة أمرٍ ما لكن ليس من الضّرورة أن يوجد التحامٌ بينكما.