(إِنَّمَا النَّسِيءُ): النّسيء هو التّأخير، والمراد: تأخير تحريم شهرٍ إلى شهرٍ آخر، وذلك أنّ العرب كانت تعتقد تعظيم الأشهر الحرم، وذلك ممّا تمسكت به من ملّة إبراهيم عليه السّلام، وبما أنّ عامّة معايشهم من الصّيد والغارة، فكان يشقّ عليهم الكفّ عن ذلك ثلاثة أشهر على التّوالي، وربّما وقعت لهم حربٌ في بعض الأشهر الحرم فيكرهون تأخيرها، فينسئون أي: يُؤخِّرون تحريم ذلك الشّهر إلى شهرٍ آخر، وكانوا يؤخِّرون تحريم المحرّم إلى صفر، فيحرّمون صفر ويستحلّون المحرّم، فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخّروه إلى ربيع، شهراً بعد شهرٍ، حتّى استدار التّحريم على السّنة كلّها. واختلفوا في أوّل من نسأ النّسيء: فقال الكلبيّ: أوّل من فعل ذلك رجلٌ من بني كنانة يُقال له: نعيم بن ثعلبة، وعن ابن عبّاس رضي الله عنه: إنّ أوّل من سنّ النّسيء عمرو بن لُـحي بن قمعة بن خندف، والله سبحانه وتعالى حدّد ما هي الأربعة الحُرُم، ليس فقط العدد وإنّما أيضاً المعدود.
(يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا): الشّيطان هو الّذي يضلّهم.
(زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ): زيّن لهم الشّيطان.
(وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ): الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم هدايةً للنّاس جميعاً، (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: من الآية 9]، فعليك أن تأخذ بهذه الهداية وهي هداية الدّلالة، فإن فعلت وصلتك هداية المعونة أمّا إن رفضت هداية الدّلالة فالله سبحانه وتعالى لا يهدي من يختار الكفر.