هذه الآيات تبيّن أنّ الإنسان الّذي يلتزم بشرع الله سبحانه وتعالى وبكتابه لا بدّ له من أن يكون عادلاً مع النّاس جميعاً، بغضّ النّظر عن كونهم مؤمنين أم لا، مسلمين أم لا، النّظرة شاملةٌ لكلّ النّاس، بدليل قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ﴾.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا﴾: الضّمير المتّصل (نا) يدلّ على الجماعة، وهو يأتي للتّعظيم والتّفخيم، يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر]، ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ﴾ [ق]، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [الزّمر[، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف]، في كلّ الآيات المتعلّقة بفعلٍ من أفعال الله سبحانه وتعالى تأتي (نا) الدّالة على الجماعة للتّعظيم، أمّا عندما يتعلّق الأمر بشأنٍ توحيديّ فإنّها تأتي مفردة: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه]، لم يقل: إنّني نحن الله؛ لأنّها توحيد لله سبحانه وتعالى.