الإسلام يفتح باب التّوبة، والتّوبة دعوى دائمة للإصلاح، فباب التّوبة مفتوح ولا يغلق أبداً حتّى تطلع الشّمس من مغربها، كما أخبر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لذلك استثنى الله عزَّ وجلّ ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾، ولا يكفي القول: أنا تبت، بل لا بدّ من إصلاح ما أفسدت حتّى تتحقّق التّوبة ويقبلها الله عزَّ وجلّ. قال تبارك وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [الشّورى: من الآية 25]، وليس من عباده، فهو يقبل التّوبة من عباده الّذين أذنبوا وأتوه تائبين، ويقبل التوبة عن عباده الّذين لم يأتوا إليه بعد، فهو يدعوهم إلى التّوبة. فالله عزَّ وجلّ توّاب، يقبل التّوبة من عبده كلّما أذنب
جاء حبيب بن الحارث إلى رسول الله عليه الصّلاة والسّلام فقال: يا رسول الله، إنّي رجل مِقرافٌ، قال: «فتُب إلى الله يا حبيب»، قال: يا رسول الله، إنّي أتوب ثمّ أعود، قال: «فكلّما أذنبت فتُب»، قال: يا رسول الله، إذن تكثرْ ذنوبي، قال: «عفو الله أكبر من ذنوبك يا حبيب بن الحارث». ([1]).
﴿وَأَصْلَحُوا﴾: لا بدّ أن تُصلح ما أفسدتَ، فمن أكل مال إنسان لا بدّ أن يُعيد إليه ماله، ولا تتحقّق التّوبة إن لم يردّ إليه ماله، ويُبيّن ذلك أيضاً؛ لأنّ من جاهر بالمعصية وحرّض النّاس عليها، فيجب أن يجهر بالتّوبة ليعود النّاس إلى ربّهم تائبين.
﴿وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾: هناك آيات مثل ﴿تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ﴾ [التّوبة: من الآية 118]، فالله يتفضّل على عباده بأن شرع لهم التّوبة، فلا تظننّ توبتك فضلاً منك، بل هي فضل من الله سبحانه وتعالى؛ لأنّه هو الّذي شرع لك هذا الباب لتلج إليه كلّما أذنبت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ