هؤلاء المخلصون المؤمنون المحبّون لمنهج الله سبحانه وتعالى الأنقياء الأتقياء عندما رأوا السّيّد المسيح عليه السَّلام يستطيع فعل كلّ هذه المعجزات بإذن الله عزَّ وجلّ، طلبوا منه -وكأنّه تحقيقٌ للإيمان- أن يروا بأعينهم، كما قال إبراهيم عليه السَّلام: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى﴾ [البقرة: من الآية 260]، هو يؤمن بأنّ الله محيي الموتى، ولكنّه يريد الرّؤية للكيفيّة، وعلى هذا المنوال قال الحواريّون وهم مؤمنون: ﴿يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء﴾؛ لذلك سمّيّت سورة (المائدة).
﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾: كيف تقول: إنّ الحواريّين وهم مؤمنون بالله سبحانه وتعالى ومؤمنون بالسّيّد المسيح عليه السَّلام ويقولون: هل يستطيع؟ والجواب: من صفات الرّبّ والإله أنّه قادرٌ على كلّ شيءٍ، وكلمة ﴿يَسْتَطِيعُ﴾ هنا: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾: أي هل يستجيب ربّك لطلبنا يا عيسى بأن ينزل علينا مائدةً من السّماء، فكان جواب السّيّد المسيح عليه السَّلام: ﴿اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾، حوّلهم من المعجزة الحسّيّة إلى القيم الإيمانيّة، فلا يجوز أن تقترحوا على الله سبحانه وتعالى المعجزة. فانظر لجواب السّيّد المسيح الإيجابيّ وانظر لدّقّة الإجابة.