الآية رقم (78) - أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا

الموت مخلوقٌ؛ فقد ورد في الحديث الصّحيح أنّه يموت في الآخرة، كيف ذلك؟ الموت له زمانٌ ومكانٌ، سرّه في الرّوح، فالرّوح فيها الحياة.

﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ﴾: هنا الحديث عن المكان؛ أي مهما تحصّنت في قصورٍ وبروجٍ وقلاعٍ… فإنّ الموت سيدركك، كلمة ﴿يُدْرِككُّمُ﴾ تشير في اللّغة العربيّة إلى أنّ الموت يلاحق الرّوح ملاحقةً فيدركها ويأخذها، وكأنّ الإنسان منذ ولادته أُطلق عليه سهم الموت مع روحه، وهو يلاحقه حتّى يصل إليه عند انتهاء أجله، كما يقول الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه: “الموت سهمٌ أُرسل إليك ويصل إليك بمقدار أجلك”، وكأنّ الإنسان في سباقٍ ما بين الرّوح وبين الموت؛ فالرّوح هي سرّ الحياة، وعندما تذهب الرّوح ترى الإنسان الّذي كان مليئاً بالنّشاط والحركة، والأجهزة الّتي كانت تعمل، والدّم الّذي كان يسيل، والقلب الّذي كان ينبض، والشّرايين والأعصاب والمعدة والعضلات.. كلّ هذه الأمور تراها توقّفت في لحظةٍ واحدةٍ وأصبحت بعد ساعاتٍ جيفةً، وتحوّلت بعد ذلك إلى صلصالٍ، ثمّ إلى طينٍ، ثمّ  إلى ترابٍ، فالسّرّ هو الرّوح، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾] الإسراء[، الله سبحانه وتعالى لم يعطِ سرّ الرّوح لأحدٍ، ولا حتّى لنبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم، لكنّه سبحانه وتعالى بيّن أنّ الموت يلاحق الرّوح منذ نفخها في الجنين

أَيْنَما: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بتكونوا التامة أو بخبرها إن كانت ناقصة

تَكُونُوا: فعل مضارع تام والواو فاعل أو مضارع ناقص والواو اسمها وهو مجزوم بحذف النون لأنه فعل الشرط

يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ: فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط ومفعوله وفاعله والجملة لا محل لها جواب شرط غير مقترن بالفاء الرابطة لجواب الشرط أو بإذا الفجائية.

وَلَوْ: الواو حالية لو شرطية

كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ: كان واسمها والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها والجملة حالية

مُشَيَّدَةٍ: صفة.

وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ: إن شرطية جازمة وفعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط ومفعوله وفاعله والجملة مستأنفة

يَقُولُوا: فعل مضارع جواب الشرط مجزوم وفاعله الواو.

هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: اسم الإشارة مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة مقول القول

وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ: إعرابها كسابقتها والواو عاطفة.

قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: كل مبتدأ والجار والمجرور بعده متعلقان بمحذوف خبره الله لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مفعول به بعد الفعل قل

فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ: ما اسم استفهام مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبره

الْقَوْمِ: بدل مجرور والجملة مستأنفة بعد الفاء

لا يَكادُونَ: فعل مضارع ناقص والواو اسمها ولا نافية لا عمل لها

يَفْقَهُونَ حَدِيثاً: فعل مضارع وفاعله ومفعوله والجملة في محل نصب خبر يكادون وجملة لا يكادون في محل نصب حال.

أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ: أي في أي مكان كنتم يلحقكم الموت.

بُرُوجٍ: جمع برج وهو القصر أو الحصن.

مُشَيَّدَةٍ: عالية مرتفعة، وقيل: مطليّة بالشّيد: وهو الجصّ (الجبس) وقد يراد بالبروج المشيدة: القلاع أو الحصون المتينة التي يحتمي فيها الجند من العدو.

حَسَنَةٌ: شيء حسن عند صاحبه كالخصب والسعة والظفر بالغنيمة.

سَيِّئَةٌ: ما تسوء صاحبها كالشدة والبلاء والجدب والهزيمة والجرح والقتل.

يَفْقَهُونَ حَدِيثاً: يفهمون كلاماً يلقى إليهم، أي لا يقاربون أن يفهموا، ونفي مقاربة الفعل أشدّ من نفيه.