الموت مخلوقٌ؛ فقد ورد في الحديث الصّحيح أنّه يموت في الآخرة، كيف ذلك؟ الموت له زمانٌ ومكانٌ، سرّه في الرّوح، فالرّوح فيها الحياة.
﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ﴾: هنا الحديث عن المكان؛ أي مهما تحصّنت في قصورٍ وبروجٍ وقلاعٍ… فإنّ الموت سيدركك، كلمة ﴿يُدْرِككُّمُ﴾ تشير في اللّغة العربيّة إلى أنّ الموت يلاحق الرّوح ملاحقةً فيدركها ويأخذها، وكأنّ الإنسان منذ ولادته أُطلق عليه سهم الموت مع روحه، وهو يلاحقه حتّى يصل إليه عند انتهاء أجله، كما يقول الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه: “الموت سهمٌ أُرسل إليك ويصل إليك بمقدار أجلك”، وكأنّ الإنسان في سباقٍ ما بين الرّوح وبين الموت؛ فالرّوح هي سرّ الحياة، وعندما تذهب الرّوح ترى الإنسان الّذي كان مليئاً بالنّشاط والحركة، والأجهزة الّتي كانت تعمل، والدّم الّذي كان يسيل، والقلب الّذي كان ينبض، والشّرايين والأعصاب والمعدة والعضلات.. كلّ هذه الأمور تراها توقّفت في لحظةٍ واحدةٍ وأصبحت بعد ساعاتٍ جيفةً، وتحوّلت بعد ذلك إلى صلصالٍ، ثمّ إلى طينٍ، ثمّ إلى ترابٍ، فالسّرّ هو الرّوح، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾] الإسراء[، الله سبحانه وتعالى لم يعطِ سرّ الرّوح لأحدٍ، ولا حتّى لنبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم، لكنّه سبحانه وتعالى بيّن أنّ الموت يلاحق الرّوح منذ نفخها في الجنين