إذاً هناك طريقان: طريق الإشراك إمّا أن يكون عن طريق الغفلة وإمّا عن طريق الآباء والأجداد، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزّخرف: من الآية 23]، التّقليد الأعمى، وجدوا آباءهم يعبدون الأصنام فعبدوها، وجدوا آباءهم يعبدون الأوثان فعبدوها، لكن هل كان هناك عبادة أصنامٍ وأوثانٍ من البداية؟ الجواب: لا؛ لأنّ آدم عليه السلام جاء بالإيمان بالله سبحانه وتعالى وأولاد آدم كانوا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى ، بعد ذلك طرأت غفلةٌ، بعد الغفلة عبد النّاس الأصنام والحجارة وأصبح هناك تقليدٌ من الأبناء للآباء، لذلك جاءت هنا: ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾، ليست مسؤوليّة أن تقول: بأنّ الآباء كانوا… لذلك تجد أنّ الله سبحانه وتعالى لا يكلّف الإنسان عندما يكون صغيراً في حضن أمّه وأبيه، حتّى لا تقول: هكذا كان آباؤنا، بل يبدأ التّكليف عند سنّ البلوغ عندما يكون هناك عقلٌ يستطيع أن يختار بين البدائل، فعندما يكون هناك العقل الّذي يختار بين البدائل يفرض التّكليف على الإنسان.
أَوْ: عاطفة
تَقُولُوا: عطف على أن تقولوا والتقدير لئلا تقولوا.
إِنَّما: كافة ومكفوفة.
أَشْرَكَ آباؤُنا: فعل ماض وفاعل مرفوع ونا في محل جر بالإضافة.
مِنْ قَبْلُ: قبل ظرف زمان مبني على الضم في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بأشرك والجملة مقول القول.
وَكُنَّا ذُرِّيَّةً: كان واسمها وخبرها.
مِنْ بَعْدِهِمْ: متعلقان بمحذوف صفة ذرية والجملة معطوفة.
أَفَتُهْلِكُنا: فعل مضارع ومفعول به والهمزة للاستفهام.
بِما: ما اسم موصول في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بالفعل، والجملة مستأنفة.
والجملة الفعلية (فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ): صلة.
وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ: أي فاقتدينا بهم لأنَّ التقليد عند قيام الدليل والتمكن من العلم به لا يصلح عذرا
أَفَتُهْلِكُنا: تعذبنا
بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ: من آبائنا بتأسيس الشرك. المعنى:لا يمكنهم الاحتجاج بذلك مع إشهادهم على أنفسهم بالتوحيد. والتذكير به على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قائم مقام ذكره في النفوس.