(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا): أم هنا إضرابيّة؛ أي ما كان الله سبحانه وتعالى أن يترككم من غير اختبار.
(وَلَمَّا يَعْلَمِ): هذا علم الحجّة، فالله سبحانه وتعالى يعرف ولديه علمٌ كاشفٌ، لكنّ الله سبحانه وتعالى لا يحاسب النّاس على علمه الأزليّ الكاشف، وإنّما يُحاسبهم على أعمالهم، فعندما يقول سبحانه وتعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران]، هذا علم الحُجّة على النّاس يوم القيامة.
(وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ): وليجة على وزن فعيلة؛ أي بطانة سوءٍ، فقد كان هناك أقرباء وصلات رحم بين المشركين في مكّة المكّرّمة وبين المسلمين الّذين ذهبوا إلى المدينة المنوّرة، إضافةً إلى حركات النّفاق الّتي بدأت تظهر في المجتمع بعد أن دخل في الإسلام عددٌ من القبائل العربيّة وقويت شوكة الإسلام، لذلك لا بدّ من أن يكون هناك اختبارٌ إيمانيٌّ، فالإنسان يتعرّض للابتلاءات وهذه سنّة الله سبحانه وتعالى في خلقه، وهنا أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لهم: إيّاكم أن تعتقدوا أنّكم ستتركون قبل أن يجعل الله تعالى حُجّةً عليكم ببيان فحوى إيمانكم.
(وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ): لأنّه لا تخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السّماء، فهو يعلم السّرّ وأخفى.