الآية رقم (234) - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
هنا الحديث عن عدّة المتوفّى عنها زوجها: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)، عندما تقول لي: العدّة من أجل استبراء الرّحم، ما علاقة استبراء الرّحم بالموضوع؟ هذا أحد الأسباب، لكن العدّة ليست من أجل استبراء الرّحم فقط كما يعتقد بعض النّاس، العدّة من مصلحة المرأة، العدّة جاءت من أجل الإمساك بالمعروف أو التّسريح بالإحسان، من أجل المراجعة.
أمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها فإنّها قيمة اجتماعيّة كبرى تصوّر امرأةً متوفّى عنها زوجها، ألا يوجد احترام ومراعاة للعشرة الزّوجيّة المقدّسة الّتي أجهز عليها موت الزّوج؟! إذاً أربعة أشهر وعشراً.
(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ): فإذا انتهت العدّة تستطيع أن تتزيّن الزّينة المشروعة.. (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وذلك لئلّا يُلزمها أحد بأن يستمرّ حزنها لسنة أو أكثر على زوجها، كلّ شيء في الدّنيا بالمعروف، وكلمة المعروف وكلمة الرّضا كلّها تندرج تحت عناوين الخير، فلا يمكن للدّين أن
الآية رقم (250) - وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
عندما برزوا وأصبح الأمر قاب قوسين من التّلاحم في القتال ما بين طالوت والفئة المؤمنة من شعب بني إسرائيل، وجالوت والفئة المشركة من أعدائهم لـمّا برزوا لهم وأصبحوا في ملاقاتهم قالوا: ما هي الوسيلة الّتي تثبت الإيمان والصّبر؟ هي تثبيت الأقدام في القتال: (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) أي املأ قلوبنا بالصّبر، (أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا) كأنّما ينزّل عليهم الصّبر تنزيلاً، املأ قلوبنا وأرواحنا وأجسادنا صبراً، وثبّت أقدامنا في القتال وفي المواجهة وفي المعركة.
الآية رقم (219) - يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
ليس القرآن الكريم كتاب فيزياء ولا كيمياء ولا قصّة ولا هو كتاب تاريخ ولا كتاب ثقافة، ليس له أبواب، وليس له فصول، إنّما يتعلّق بحركة الإنسان في الحياة، وضبط حركة الإنسان وفق منهج الله سبحانه وتعالى، نزل القرآن الكريم من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا ليباشر مهمّته مع سيّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد ذلك، نزل منجّماً حسب الأحداث الّتي كانت تجري، ومنها مادّة السّؤال: يسألونك ماذا؟ يسألونك عن؟ يكون الجواب: قل، باستثناء الآية الّتي فسّرناها: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة: من الآية 186]، فهي من غير (قل)؛ لأنّ القرب من الله سبحانه وتعالى لا يقتضي البعد بكلمة ولو كانت من حرفين وهي: (قل)، فالمهمّ هنا: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ما هو الحكم فيما يتعلّق بأمور الخمر والميسر؟ الخمر من السّتر، وضعت الخمار الّذي تغطّي به محاسنها، تأتي الخمر بمعنى ستر، أي سترٌ للعقلِ، وهذا تعريف الخمر، لماذا؟ لأنّه هو يستر العقل، يُذهب العقل، والميسر من اليسر، يتحصَّل على المال بأيسر الطّرق وأسرعها، وعندما يلعب ورقاً أو نرداً أو أيّ شيء من دون جهد أو تعب ولا علم ولا.. ليحصَّل ما في جيب غيره من دون حركة منه، فهذا اسمه ميسر
الآية رقم (235) - وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
هذه الآية نستند لها عندما نقوم بالخطبة، نأتي على مشروعيّة الخطبة في الإسلام، فمن الّذي قال: إنّ الإسلام كما يصوّرون يمنع الرّجل من رؤية من يريد خطبتها، فلا يتعرّف إليها إلّا عندما يدخل عليها!! من الّذي قال؟ لا يعرفها أبداً ولم يشاهدها أبداً؟! أهكذا شرعُ الإسلام؟ لا، ليس هكذا شرعُ الإسلام، وإنّما نأخذ شرع الإسلام من القرآن ومن سنّة النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ضمن الضّوابط الشّرعيّة.
الخطبة هي فترة زمنيّة مقدّمة للزّواج حتّى يتمّ وفق الضّوابط الشّرعيّة، يتمّ التّعرف بموافقة الأهل بين زوج وزوجة المستقبل، وحتّى تتمّ دراسة متأنيّة قبل توقيع عقد شراكة الحياة وهذا من حقوق المرأة ومن حقوق الرّجل، فيأتي ويقول: أبوها زوَّجها، ماذا يعني أبوها زوَّجها؟ فلماذا شُرعت الخطبة؟ ألا يجب أن يأخذ موافقتها؟ ألا تريد المرأة أن ترى الرّجل الّذي ستتزوّجه؟ ألا يريد الرّجل أن يرى المرأة الّتي سيتزوّجها؟ ألا يريد أن يكون عنده علم بها؟ إذاً ضمن الضّوابط الشّرعيّة الّتي نعرفها جميعاً، تشريع الخطبة جاء في معرض الحديث عن المتوفّى عنها زوجها، لماذا؟ لأنّك لا تستطيع أن تخطب أو تنوي الزّواج حتّى تنتهي العدّة بالنّسبة للمطلّقة أو المتوفّى عنها زوجها.
(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ)
(عَرَّضْتُم) عرّض بالشّيء تعريضاً، وذلك في امرأة توفّى عنها زوجها، وهي لا تزال في عدّتها، فمن يريد أن يخطبها، وله علاقة مع أخيها أو أبيها أو أسرتها، فعرّض لأحدهم أو ألمح أنّه من الممكن أن يكون هناك خطبة أو زواج بعد انتهاء العدّة، لكن يوجد شرط هنا تبيّنه الآية وهو أن لا يوجد عزم، بل تعريض فقط أي تلميح. فالله سبحانه وتعالى يحاسبك على العمل؛ لأنّك قد تكون أضمرت في نفسك لكن يجب ألّا تكون وصلت إلى العزم، ويوجد شرط هنا: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا) هذه هي الشّروط الشّرعيّة، ممكن أن تعرِّضوا، لكن المواعدة واللّقاء السّري لا، (إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا)القول المعروف هو القول الحسن والمتعارف عليه في المجتمع، بالأدب تتعامل العائلات مع بعضها والنّاس مع بعضها من أجل الزّواج والخطبة حتّى يكون البناء سليماً، لكنّه بيّن وقال: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) إذاً العزم على أن تتزوّج بشكل نهائيّ لا يجوز حتّى تنتهي العدّة، فمعنى (حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ): حتّى تنتهي العدّة.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ): انظر كيف اختلف تذييل الآيات، كلّ كلمة في كتاب الله لها معنى ولها مدلول، فيجب أن نستدلّ بها لماذا؟ لماذا الّتي قبلها كانت: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، والّتي قبلها: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وهذه جاءت في نهايتها: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) استخدم هنا صفات خبير بصير غفور حليم، استخدم هنا غفور حليم ولم يستخدم بصير بالرّغم من أنّه قال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)، فأنت عندما تتصرّف وخصوصاً التّصرّف الّذي فيه مشقّة على النّفس، وفيه شهوة ظاهرة، فيجب أن تعلم أنّ الله يعلم ما في نفسك حتّى لو أظهرت أمام المجتمع بأنّك حريص، وأنّك وأنّك.. لكنّ الله يعلم السّرّ وأخفى، إذاً هنا تحذير (فَاحْذَرُوهُ)، نحن نرتقي إلى الله بجناحين؛ جناح الرّحمة والمغفرة، وجناح المخافة من العذاب.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ): بالرّغم من أنّه قال: يعلم ما في أنفسكم، يعلم ما في دخائل سرائركم فاحذروا منه، لكن انظروا رحمة الله ولطفه بالبشر، لم يقل: رحيم، بل قال: حليم، هنا القضيّة، غفور لتتناسب بأنّ الله سبحانه وتعالى يعلم الضّيق أو يعلم بأنّ هذه القضيّة ضيّقة بالنّسبة للإنسان، ضيّقة بالنّسبة للمرأة أن تبقى أربعة أشهر وعشراً وأن تبقى بالعدّة إن كان يوجد مجال للخطبة أو مجال للزّواج، يوجد محاورات نفسيّة داخليّة تعتلج النّفوس حولها، فالله سبحانه وتعالى قال لك: احذر ولا تعمل هكذا، مع ذلك بيّن لك بأنّه غفور حليم، بيّن لك بأنّه غفور يغفر الذّنوب وأنّه حليم.
الآية رقم (251) - فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
اختصر القرآن المشهد وأنهاه بين طالوت وجالوت وبين جنودهما بكلمتين: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) أي بأمر الله؛ لأنّهم صبروا؛ ولأنّهم اختُبِروا فنجحوا في الإيمان، فملأ الله قلوبهم بالصّبر وثبّت أقدامهم ونصرهم على جالوت وجنوده.
(وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ): هل قتل طالوتُ جالوتَ أم داودُ؟ القرآن الكريم يقول: داود، وهنا أوّل بروز لاسم النّبيّ داود عليه السَّلام في القرآن الكريم، أوّل بروز له في تاريخ شعب بني إسرائيل، القرآن لم يبيّن أين كان؟ ومن هو؟ الواضح أنّ داود كان جنديّاً من جيش طالوت، الّذي هو جيش شعب بني إسرائيل المؤمن، وداود كان صغيراً بالنّسبة لجالوت، لكن الّذي قتل جالوت القويّ والعظيم والجبّار هو داود، إذاً هنا بدأت مرحلة داود الّذي أصبح بعد ذلك نبيّاً وأصبح ملكاً وأصبحت الجبال يسبّحن معه والطّير وألان الله له الحديد، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ]، ثمّ يأتي سليمان بعد ذلك وهو ابنه، إذاً برز اسم داود الصّغير الّذي كان في جيش طالوت وقتل جالوت، (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) إذاً بعد أن تربّى التّربيّة الإيمانيّة، وبعد أن صبر، وبعد أن قاتل، وبعد كلّ تلك المراحل، وبعد أن قتل جالوت، آتاه الله الـمُلك، إذاً هو النّبيّ الملك، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [النّمل]، آتاه الله الملك والحكمة وليس فقط المـُلك وإنّما إضافة للمُلك الحكمة، وعندما نسمع الحكمة فإنّنا نذكر
الآية رقم (220) - فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ): تبدأ الآية بجار ومجرور في الدّنيا والآخرة، أين متعلّق الجار والمجرور؟ بعد ذلك (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ), القرآن الكريم مبنيّ على الوصل وليس مبنيّاً على القطع، ومعنى مبنيّ على الوصل أنّ كلّ آيات القرآن الكريم موصولة، لذلك لا تجد بأنّ هناك سكوناً عند نهاية الآية أبداً، وإنّما نهاية الآية مثلاً: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ) [البقرة: من الآية 220-221]، ليس (عزيزٌ حكيمْ) فأنتَ بالوقف تقول: (حكيمْ) ولكن إن نظرت إلى حركات الإعراب في القرآن الكريم فأنت تجد: (حَكِيمٌ) مبنيّ على الوصل، فإذاً في الدّنيا والآخرة لها متعلّق، ومتعلّق الجار والمجرور هو كلّ الأحكام الّتي مرّت معنا سابقاً، منذ بدأنا آيات الصّوم، بيّنت الآيات أحكام الصّوم، بيّنت الآيات أحكام الدّعاء، بيّنت الآيات بعد ذلك أحكام الحجّ، بيّنت بعد ذلك الأحكام المتعلّقة بالقتال، بيّنت بعد ذلك الأحكام المتعلّقة بالأسرة، بيّنت بعد ذلك أحكام متعلّقة بالنّفاق السّلوكيّ، بيّنت بعد ذلك أحكام الإنفاق، بيّنت بعد ذلك أحكام الإصلاح والإفساد في المجتمع، كلّ هذا هو متعلّق الجار والمجرور، ونهاية الآية الّتي سبقت (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) تقول: (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)، إذاً آيات الله وفوز الإنسان يكون في الدّنيا والآخرة وليس فقط في الآخرة
الآية رقم (236) - لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
تتحدّث الآية عن الطّلاق بين الرّجل والمرأة بعد العقد وقبل الدّخول.
(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ): ذكرنا سابقاً أنّ هناك فارقاً بين (إن) و(إذا)، مثلاً: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) [النّصر]، أي أنّ الأمر قد انتهى وأنّه سيأتي، ولو قال: (إن جاء نصر الله) فيعني يوجد احتمال هزيمة، احتمال أن يأتي النّصر واحتمال ألّا يأتي، أمّا في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات]، لو جاءت: (يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم فاسق) يعني حُكم عليك بأنّه سيأتيك فاسق بنبأ، وليس من الضّروري أن يأتيك فاسق بنبأ.
(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ): إن طلّقتم معناها ليس الطّلاق أمراً حتميّاً.
(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ): إذاً لا يوجد دخول بين الرّجل والمرأة.
الآية رقم (252) - تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
(تِلْكَ): اسم إشارة للبعيد.
إذاً كلّ القصص الّتي سبقت قصّة الّذين خرجوا وهم ألوف حذر الموت وقصّة داود وقصة طالوت وقصّة جالوت و.. (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) تلا يعني يتلو كلمة بعد كلمة، هذه هي التّلاوة عندما تتلو القرآن الكريم الكلمة بعد الكلمة، (نَتْلُوهَا عَلَيْكَ)كلمة بعد كلمة كلمة التّلاوة، لم يقل: (قصص الله نتلوها عليك بالحقّ) بل قال: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)؛ لأنّ كلمات القرآن هي آيات؛ لأنّ الآية تعريفها في اللّغة العربيّة هي المعجزة، وفي كلّ كلمة في القرآن الكريم معجزة، إذاً أنت لا تقرأ القصص القرآنيّ كقصّة، وإنّما تقرأ القصص القرآنيّ كآية، وهذا هو الفارق بين القصص البشريّ والقصص القرآنيّ، الفارق القصص البشريّ هو قصّة لها عناصر أحداث أشخاص تاريخ زمان، أمّا القصة القرآنيّة فهي آية، فهي معجزة، القرآن الكريم معجز بكلماته، معجز ببيانه، معجز بحروفه، معجز بكلّ شيء.
(نَتْلُوهَا عَلَيْكَ): لمن الحديث والخطاب؟ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول الله عزَّ وجلّ له: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)، الحقّ هو الشّيء الثّابت الّذي لا يعتريه النّقص، ولا يعتريه التّحريف، ولا يعتريه التّغيير، لذلك قال سبحانه وتعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) [الإسراء: من الآية 105].
(وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ): الله يخاطب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندما يتحدّث معه عن الآيات المعجزات الدّالات البيّنات والتّابوت الّذي جاء يمشي هكذا وفيه عصا موسى وكلّ هذه المعجزات الّتي تمّت قال له: (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)، أي ما كنّا لنتلوها عليك يا محمّد إلّا لأنّك من المرسلين صاحب رسالة وأيّ رسالة؟ هي الرّسالة الخاتمة والجامعة للبشريّة؛ لأنّ كلّ الرّسالات نزلت على أقوام ونزلت لأزمان، إلّا رسالتك يا محمّد فهي لكلّ الأقوام ولكلّ الأزمان ولكلّ النّاس، لذلك هي رحمة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء].
الآية رقم (221) - وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
أوّلاً بناء الأسرة، بناء المجتمع، لا يمكن أن تُبنى الأسر والبيوت على تضاد في العقائد، وتضاد في الأهواء بين الرّجل والمرأة، لا بدّ أن يكون هناك انسجام حتّى تكون الأسرة مستقرّة تبدأ من هنا، من قوله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ)؛ لأنّ من تصارع التّضاد ومن تصارع الأهواء تختلّ موازين الأسرة، فنهى هنا عن الزّواج من المشركات حتّى يؤمنّ، وبيّن أنّ الأَمَةَ المؤمنة بربّها أفضل من الحرّة المشركة، حيث كان هناك في المجتمع الرّقّ والعبيد، والآن انتهى هذا العهد، فعندما تقرأ آية فيها تعبير عن الرّق أو تعبير عن العبيد أو عن أَمَة فهذا التّعبير يتعلّق بحكم لحالة كانت موجودة ذكرناها سابقاً: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [البقرة: من الآية 219]، هل تحتجّ بآية (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)؟ حتّى تقول: إنّني أشرب الخمر مثلاً، طبعاً لا، وإنّما تمتثل أمر الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة]، أنت يجب أن تأخذ القرآن جملة واحدة، لا يجوز أن تأخذ منه ما تشاء، وأن تأخذ حكماً جزئيّاً يتعلّق بمرحلة معيّنة، وتنسى مجمل التّشريع وأهدافه ومقاصده وما أقرّه النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لذلك هنا عندما تجد مُصطلَح أَمَة؛ فلأنّه كان يوجد في ذلك المجتمع عبيد.
الآية رقم (237) - وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
إذا حدث الطّلاق بين الرّجل والمرأة قبل الدّخول وبعد العقد يدفع الرّجل نصف المهر، هذا هو حكم الشّرع.
(إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ): إلّا أن يتمّ العفو والسّماح عن طيب خاطر وعن تراض بين الرّجل وبين المرأة أو الّذي بيده عقدة النّكاح.
(وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ): إذا عفا الإنسان عن حقّه فهو أقرب للتّقوى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: من الآية 134]، والتّقوى هي جماع كلّ الخير، لذلك قلنا: إنّ الأُسر الإسلاميّة بُنيت على تقوى الله سبحانه وتعالى.
(وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ): الفضل هو فوق العدل، دائماً الفضل هو الزّائد، ونحن ندخل الجنّة بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا ندخلها بموجب حسنات أعمالنا، وكلّ ما نفعل من حسنات لا تتساوى أمام نعمة واحدة من نعم الله علينا، لذلك قال سبحانه وتعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس]، إذاً هو فضل، والفضل فوق العدل، والمولى سبحانه وتعالى يذكّر الرّجل والمرأة، يذكّر الأسرة عند الشّقاق وعند الطّلاق أن لا ننسى الفضل، ليست القضيّة فقط قضيّة عدل بالنّسبة للحقوق بين الرّجل والمرأة، لكنّها أرفع وأسمى وأعلى وأعظم في بناء العلاقات الإنسانيّة وفي بناء علاقات الزّواج بين الرّجل والمرأة، والحفاظ على حقوق المرأة والطّفل والرّضيع، فذكّر الله سبحانه وتعالى النّاس في ختام هذه الآية بأن يشيع الفضل بينهم وهذا هو المطلوب.
الآية رقم (222) - وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى): الجواب: أطلق كلمة أذى، والسّؤال عن المحيض؛ لأنّ اليهود والمشركين في الجاهليّة كانوا يمتهنون المرأة ولا يرون لها رأياً ولا حقّاً، بينما الإسلام كرّم الإنسان وكرّم المرأة، وهنا يتبيّن من الآيات (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) هل يجوز أن يقترب الرّجل من زوجته أثناء فترة المحيض؟ ما هو الحكم في المحيض؟ كان اليهود يمنعون المرأة أن تأكل معهم بنفس الطّبق إذا كانت بفترة الحيض، ويعتبرونها وكأنّها نجسة في فترة الحيض، فيُبعدونها عن كلّ شيء، وكان غيرهم لا يعتبرون الحيض مانعاً ويُباشرون الجماع مع زوجاتهم أثناء الحيض وبعده، فكان هذا السّؤال، وهنا يتبيّن من الجواب قيمة وعظمة هذا الدّين، وكيف رفع المرأة مكاناً عظيماً في جواب القرآن عن سؤال النّاس عن موضوع الحيض، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى) أوّلاً هو أذى بغضّ النّظر ما هو المحيض أو الحيض أو دم الحيض؟ دم الحيض هذا يتجمّع في جدار رحم المرأة تهيئة للحمل، فإذا حملت المرأة انقطع عنها الحيض؛ لأنّ هذا الدّم الّذي يخرج إنّما هو معدّ لغذاء الطّفل، فإن لم يحصل الحمل يخرج ويكون هذا الدّم فاسداً قد خرج عن صلاحيّته، فإذاً هو أذى للمرأة وأذى للرّجل، فأوّلاً بيّن الحكم بأنّ المحيض هو أذى.
الآية رقم (238) - حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ
كانت الآيات تتحدّث عن الطّلاق ثمّ دخلت آية لا تتعلّق بأحكام الأسرة ولا بأحكام الطّلاق، وإنّما هذه الآية تتعلّق بالصّلاة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ)، فلو كان القرآن من وضع إنسان فإنّه يتوخّى أن يكون هناك تسلسل في المواضيع، هذا لو كان من لدن بشر، فأمّا وأنّه إعجاز وهو من ربّ البشر، فالسّياق يختلف؛ لأنّ هناك وحدة في التّكاليف الإيمانيّة أوّلاً، وطالما أنّ الحديث عن الطّلاق وهو أبغض الحلال عند الله، وطالما أنّ الطّلاق يؤدّي إلى تنافر وإلى شقاق، فيحتاج المجتمع وتحتاج المرأة ويحتاج الرّجل وتحتاج الأسرة إلى السّكينة أمام هذا الشّقاق، فما الّذي يحقّق السّكينة في المجتمع ويُسبل ثوب القبول والاطمئنان والرّضى على الإنسان؟
إنّها الصّلاة، لذلك كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا حزبه أمر كان يفزع إلى الصّلاة، وكان يقول: «يا بلال، أقم الصّلاة، أرحنا بها»([1])، إذاً أرحنا بها من كلّ هموم الحياة، فكيف إذا كان الهمّ هو همّ انفصام عرى الأسرة، ومشاكل بين الرّجل والمرأة، ومشاكل داخل الأسرة، فإذاً لا بدّ من اللّجوء إلى الله سبحانه وتعالى الّذي شرع الطّلاق وشرع أحكام الطّلاق، لنعيد التّوازن إلى النّفوس فيعود الاطمئنان إلى قلب الرّجل والمرأة.
الآية رقم (223) - نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ): الحرث مكان الإنبات، والمرأة ليست للمتعة، وليست للزّينة، المرأة لأعظم من ذلك، هي لإنتاج الإنسان، فهي مصنع الأبطال، مصنع الرّجال، مصنع المجتمع الحقيقيّ.
إذاً فالعلاقة الخاصّة بين الزّوجين: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ) والحرث: مكان الإنبات، والمكان الّذي يخرج منه الولد، وهذه الأحكام واضحة لا تحتاج إلى كثرة إيضاح، دين طهارة ونظافة، دين تكريم، دين يرفع مستوى المرأة والرّجل، ويُبعد الإنسان عن الشّهوانيّة الحيوانيّة ويضبط شهواته، لم تأت الأديان لإطلاق شهوات النّاس، وإنّما جاءت لضبط الشّهوات، فعند الإنسان شهوة جنسيّة فلا يمكن أن يكون مصرف هذه الشّهوة إلّا بالحلال، وبالحلال المقنّن وفق شرع الله سبحانه وتعالى الّذي يحبّ المتطهّرين، ويحبّ الطّهارة، ويحبّ النّظافة، ويحبّ أن يكون الرّجل مع زوجته في غاية التّكريم لهذه المرأة، لذلك قال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ): ثلاثة أمور: اتّقوا الله أي اجعلوا بينكم وبين غضبه حاجزاً، واعلموا أنّكم ملاقوه: أيقنوا بأنّكم ستلاقون ربّكم وأنّكم أمام الموت، والموت ملاقيكم أينما كنتم: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) [النّساء: من الآية 78]، ومهما بلغ الإنسان من العمر فالعمر قصير، يا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، كيف يفرح بالدّنيا من تقوده حياته إلى موته، ويقوده عمره إلى أجله:
ولدتكَ أمّكَ يا ابنَ آدمَ باكياً
فاعملْ لنفسِكَ أن تكونَ إذا بَكَوا .
|
|
والنّاسُ حولك يضحكونَ سروراً
في يومِ موتكَ ضاحكاً مسروراً
.
|
ولا تكون ضاحكاً مسروراً إلّا إذا كنت تعلم بأنّك ملاقيه.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ): في نهاية هذه الآيات البشارة للمؤمنين المتّقين الّذين يلتزمون بالأوامر لإلهيّة.
الآية رقم (239) - فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ
(فَرِجَالًا) أي راجلين.
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا): صلاة الخوف وأحكام صلاة الخوف معلومة بالنّسبة للحرب.
(فَإِذَا أَمِنتُمْ): وتحقّق الأمان. وسنأتي على تفصيل أحكام صلاة الخوف عندما ترد معنا صلاة الخوف في الآيات اللّاحقة من سورة (النّساء).
(فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ): فذكر الله عمدة كلّ العبادات، يعني أنت تصلّي حتّى لا تنسى الله، والذّكر هو ضدّ النّسيان، وحتّى تكون مع الله تعالى، إذاً فذكر الله سبحانه وتعالى هو الغاية وهو الهدف وهو المنطلق وهو الأساس في إقامة كلّ العبادات الّتي شرعها الله سبحانه وتعالى، حتّى تعيش مع الله جلّ وعلا وطبعاً هو ممّا امتنّ به علينا، وممّا علّمنا وشرع لنا.
(كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ): بهذه الآيات وبهذه الأحكام المتعلّقة بشرائع وأحكام الطّلاق والزّواج والنّفقة والمتعة والعدّة وكلّ ما ورد سابقاً من الآيات، يعود المولى سبحانه وتعالى هنا يتابع الحديث عن المطلّقات أو المتوفّى عنها زوجها، إذاً فهو قسم الأمر ليبيّن لنا أمرين، الأوّل: وحدة التّكاليف الإيمانيّة، والثّاني: أنّه بذكر الله يعيش الإنسان حياة هانئة: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرّعد]، إنّ استدامة الولاء لله هو عنوان الصّلاة، يذكِّر المولى سبحانه وتعالى أثناء هذه الأحكام الّتي تتعلّق بالشّقاق وبالخلاف الّذي يحدث بين الرّجل والمرأة بأنّ الطّمأنينة والسّكينة تعود إلى النّفس في حالة الصّلاة، إذاً هذا هو السّبب.
الآية رقم (224) - وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
الآيات السّابقة كانت تتحدّث عن العلاقات الأسريّة وبناء الأسرة والمجتمع من خلال الزّواج والعلاقة مع المرأة، وقيمة وأهمّيّة وكرامة المرأة في الإسلام، والّتي بيّنتها الآيات السّابقة والآيات الّتي ستأتي لاحقاً، وهنا الله تعالى يعطي أموراً هامّة جدّاً: ألّا يجعل الإنسان من كلمة الله سبحانه وتعالى عُرضة لأنّ تكون حاجزاً بينه وبين ثلاثة أمور، لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أي أنّها تعترض الأمور الثّلاثة:
- (أَن تَبَرُّوا)
- (وَتَتَّقُوا)
- (وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ)
هذه الأمور الثّلاثة يجب أن تكون واضحة للنّاس جميعاً، إذا أقسم الإنسان وحلف يميناً بأن لا يعطي إنساناً مثلاً كما جرى مع سيّدنا أبي بكر الصّدّيق يوم حادثة الإفك، فهناك قريبٌ له اسمه مسطح فهو من الّذين خاضوا في موضوع الإفك، فأقسم الصّدّيق ألّا يعطيه بعد ذلك اليوم، فكانت هذه أحد أسباب النّزول، وقلنا: إنّ الآيات القرآنيّة لها خصوصيّة سبب وعموميّة لفظ، والمعنى يجب ألّا تجعلوا الله عُرضة لأَيْمانكم أن تبرّوا وتتّقوا وتُصلحوا، ولا تحلفوا بالله سبحانه وتعالى أيْماناً، ولو أنّكم حلفتم فعليكم أن تعيدوا هذا الأمر كفّارة يمين وأن تعودوا إلى الأمر الصّحيح والسّليم:
الآية رقم (240) - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
كانت عدَّةُ الوفاة فِي ابتداء الإسلام حَوْلاً كاملاً وكان يَحْرُم على الوارث إخراجُهَا من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبةٌ فِي مال زوجها تلك السَّنةَ ما لَم تَخرُج، ولم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها، وكان على الرّجل أن يُوصِيَ بها، فكان كذلك حتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الميراث، فنسخ اللَّه سبحانه وتعالى نفقةَ الحَول بالرُّبع والثُّمن، ونسخ عدّة الحول بأربعة أشهر وعشراً.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ): طبعاً عندما نسمع المتعة والمتاع هنا دائماً تتعلّق بالنّفقة، النّفقة على الزّوجة.
(غَيْرَ إِخْرَاجٍ): أي: لا يجوز لأحد أن يُخرج المرأة من بيت الزّوجيّة بالإكراه.
(فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): فإذا خرجت فلا يوجد مشكلة لماذا؟ لأنّ هذه وصيّة، وصيّة الحول الكامل أي السّنة الكاملة وصيّة وصّى فيها بأن يسمح لها بأن تبقى ويوصي الزّوج أن تبقى حولاً كاملاً هنا، (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ): فإذا خرجت المرأة بعد العدّة خرجت قبل إتمام العام الكامل فلا يوجد مشكلة في ذلك.
(مِن مَّعْرُوفٍ): الأمر الّذي يريد أن يشيعه الإسلام والقرآن هو المعروف وهو الخير في المجتمع، وليس القسر والإجبار على المرأة، من أجل الحفاظ على حقوق المرأة.
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): لماذا ذيّل الآية هنا بـ (عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟ كلّ تذييل لآية من الآيات يكون هناك حكمة إلهيّة، هنا تشريع يأمر به المولى سبحانه وتعالى أنّه لا يجوز عندما يوصي الرّجل بأن تبقى حولاً كاملاً أن تُخرج المرأة، فإذاً هنا دين، الأحكام الّتي ترد فيما يتعلّق بالطّلاق والعدّة و.. هي دين، وطالما أنّها دين فإذاً الله سبحانه وتعالى يذيّل الآية: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): أي أنّ الله سبحانه وتعالى غنيّ عن عبادة خلقه، العزيز هو المستغني عن عبادة خلقه، والعزيز الّذي لا يُغلب، والعزيز هو من تحتاجه ولا يحتاجك، فإذاً هو مستغن عن عبادة خلقه، فإذاً عزيز وحكيم فيما شرع من أحكام لضبط حركة الطّلاق في المجتمع.
الآية رقم (225) - لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
(لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ): ليست القضيّة هي إطلاق يمين لغو، هناك لغو في اليمين: والله لا أفعل كذا، والله لأفعلنّ كذا، فهذا لغو في اليمين، فالله سبحانه وتعالى لا ينتظر الإنسان على السّقطة في الكلام، هذا لغو في الأيمان ولا يُعتبر أيماناً واقعة.
(وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ): وإنّما اليمين الواقع هو بما كسبت قلوبكم، أي عقدتم الأيمان عليه، أنت تحلف اليمين وأنت تقصد بهذا اليمين أن تفعل كذا، وليس أن تقول: والله إن لم آت غداً، وهو كلام لغو، لكن أن تقسم اليمين وهذا القلب الّذي أقسمت من خلاله اليمين هو مصرّ على هذا الفعل، فليست القضيّة قضيّة سقطة لسان بل إصرار قلب خصوصاً باليمين.
(وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ): بالعادة تذييل الآية تأتي: والله غفور رحيم، هنا جاءت (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) لتناسب الموضع؛ لأنّ كلمة حليم إذا وصفت إنساناً بها أيّ أنّه واسع الصّدر يتحمّل كثيراً يُقال عنه: حليم، طبعاً صفات الله لا تُقارن بصفات البشر، وصفات الله هي صفات الكمال والتّمام، فهو حليم بعباده رؤوف بهم، هنا جاءت مناسبة لغفور حليم أنّه وسع هذه الأخطاء الّتي يلوكها اللّسان ولا يقصدها القلب، لذلك يجب أن ننتبه عندما تحدّثنا عن الآيات المتعلّقة بحلف اليمين، أي كفّارة اليمين، أمّا عن الطّلاق فتأتي الآيات التّالية لتتحدّث عن أحكام الطّلاق وما يتعلّق بها وكيف نجد أنّ النّاس قد حرّفوا معناها الحقيقيّ.
الآية رقم (241) - وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ
الآية السّابقة (حَقًّا عَلَى الْمُحْسنِين) [البقرة: من الآية 236]، الآن: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) إذاً كلّ المطلّقات بكلّ أنواع الطّلاق لهنّ متاع بالمعروف، أي نفقة للمطلّقة بكلّ أنواع الطّلاق إن كان هناك دخول أو كان لا يوجد دخول، إن كانت المطلّقة حاملاً أو لم تكن حاملاً.. فختم المولى سبحانه وتعالى آيات الطّلاق بآية واحدة: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) إذاً فرض النّفقة لكلّ أنواع الطّلاق، من يتكلّمون عن حقوق المرأة نحن نستغرب من أنّهم لا يقرؤون كتاب الله سبحانه وتعالى أو أنّهم يأخذون تفسير القرآن الكريم من غير مصادره الحقيقة، وعلى غير ما أراده الله سبحانه وتعالى، هناك تراكم موروث ممّا لصق بالمرأة من هضم للحقوق، لا يتعلّق بالشّريعة الإسلاميّة، وإنّما بأعراف وعادات لمجتمعات مرّت بعد المرحلة الذّهبيّة الّتي فهم فيها صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن القرآن وعن سيّدنا رسول الله حقوق المرأة، فهُضمت هذه الحقوق ولم تُهضم من قبل ربّ النّاس، وإنّما من قبل النّاس، ولا بدّ من تصحيح هذه الأفكار في المجتمع.
الآية رقم (226) - لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
كان الرّجل قبل الإسلام يُقسِم بأن لا يقترب من زوجته، ويبقى فترة طويلة على هذا القسَم، وهذا ما يُسمّى الإيلاء، فجاء الإسلام ليحافظ على كرامة المرأة وعلى طبيعة العلاقة بين الرّجل والمرأة، قال سبحانه وتعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أي إن رجعوا عن هذا اليمين وهو الإيلاء، فإنّ الله غفور رحيم، أمّا إن أصرّوا على ذلك، فإنّ الطّلاق هو الحلّ، ويُرفَع الأمر إلى القاضي ليقضي بطلاقها، ومن حقّ المرأة أن تطلب الطّلاق إن استمرّ هذا الأمر. فالإسلام وضع كرامة المرأة وحقوقها أوّلاً، الآية الأولى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أربعة أشهر بعد ذلك إمّا أن يفيئوا ويعودوا عن هذا اليمين يمين الإيلاء، أو يُطلِّقوا.
الآية رقم (242) - كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
ونبيّن للنّاس الذين يعتقدون بأنّ الإسلام هو وراء كلّ هضم لحقوق المرأة في المجتمعات الإنسانيّة.
إذاً كذلك كلّ ما مرّ سابقاً من آيات تتعلّق بأحكام الأسرة والزّواج والطّلاق (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ) إشارة لما ورد سابقاً من أحكام (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)؛ لأنّ ديننا دين العقل، وليس دين القتل، هذا ما يجب أن يفهمه النّاس جميعاً، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ): إذا حاكمنا الأمر عقليّاً نجد بأنّ مصلحة الإنسان تكون بشرع الله سبحانه وتعالى، إذا فكّرت بعقلك وهو مناط التّكليف، بالعقل وليس بالسّيف وليس بالقتل، إذاً مناط التّطبيق هو محاكاة العقل والحوار والحكمة.