وهكذا شاء الحقّ سبحانه وتعالى أن يفضح المنافقين هؤلاء الّذين استمرقوا الاستمتاع والبقاء في المدينة، وأبطنت قلوبهم الكفر والكيد للمسلمين:
(وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ): هو خطابٌ واضحٌ للمنافقين يكشف بطلان إيمانهم.
(أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ): أي اجعلوا قلوبكم صادقةً مع ألسنتكم.
(وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ): أي انفروا للجهاد مع رسوله، وهو التّعبير العمليّ عن الإيمان.
(اسْتَأْذَنَكَ): استأذن على وزن استفعل، وتأتي للطّلب، كأن تقول: استفهم؛ أي طلب أن يفهم، استعلم؛ أي طلب أن يعلم، فقول الحق سبحانه وتعالى: (اسْتَأْذَنَكَ)؛ أي طلبوا الإذن؛ ولأنّهم يتظاهرون بالإيمان ويبطنون الكفر تجدهم ساعة النّداء للجهاد لا يقفون مع المؤمنين كما جرى في غزوة تبوك.
(أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ): أي أصحاب القوّة والقدرة، أن تطول الشّيء؛ أي أنّك تحاول أن تصل إليه، فهم الّذين يملكون مقوّمات الجهاد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سلامة البدن من الأمراض ووجود القوّة، ولا يعانون من ضعف الشّيخوخة.
(وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ): والقاعد مقابله القائم، والقيام هو مقدّمةٌ للحركة.