الآية رقم (62) - وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ

قد يكون باطن هذه الدّعوات للسّلام خديعةً وتبييت مكرٍ في خفاء، فإن كان هذا هو قصدهم، فإنّ حسبك؛ أي كافيك الله سبحانه وتعالى، وما دام الله سبحانه وتعالى هو حسيب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فلن يصلوا إليه ولن يضرّوه ولن يكون هناك أيّ أذىً من خلال اتّجاهه باتّجاه السّلام، كما حدث في صلح الحديبية عندما سالم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم  قريشاً.

(هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ): فالنّصر من عند الله سبحانه وتعالى، وكلّ هذه الإعدادات هي أخذٌ بالأسباب البشريّة، فلا يقولنّ قائلٌ: حسبي الله أنا متوكّلٌ عليه، ولا يأخذ بالأسباب، هذا مرفوضٌ في الإسلام، قال سبحانه وتعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟ قال: «اعقلها وتوكّل»([1])، فإذاً تأخذ بالسّبب وتتكّل على المسبّب.

(هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ): وهنا إستراتيجيّةٌ مُذهلةٌ، فنصر الله سبحانه وتعالى وحده كافٍ، فما له بالمؤمنين؟ فنصر الله سبحانه وتعالى يكون من غير أسبابٍ، فهو لا يحتاج لأحد سبحانه وتعالى، ووجود المؤمنين إلى جانب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو سببٌ من أسباب النّصر الّتي أمرنا الله سبحانه وتعالى باتّخاذها.


([1]) سنن التّرمذيّ: صفة القيامة والرّقائق والورع، الحديث رقم (2517).

وَإِنْ يُرِيدُوا: عطف على وإن جنحوا.

أَنْ يَخْدَعُوكَ: أن ناصبة ومضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والكاف مفعول به والمصدر المؤول في محل نصب مفعول به.

فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ: الفاء رابطة وإن واسمها وخبرها والجملة في محل جزم جواب الشرط.

هُوَ: ضمير منفصل مبتدأ «الَّذِي» اسم الموصول خبره والجملة الاسمية مستأنفة.

أَيَّدَكَ: فعل ماض ومفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.

بِنَصْرِهِ: متعلقان بالفعل.

وَبِالْمُؤْمِنِينَ: معطوف والجملة صلة الموصول.

أَنْ يَخْدَعُوكَ: بالصلح ليستعدوا للحرب.

فَإِنَّ حَسْبَكَ: كافيك وناصرك عليهم.