هنا فتح الله سبحانه وتعالى باب التّوبة؛ لأنّه لا يريد المعصيّة، ولا العصاة، ولا يريد أن يعذّب النّاس.
﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ﴾: فالله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسيّ: «يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كلّ إنسانٍ مسألته ما نقص ذلك ممّا عندي إلّا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر، يا عبادي إنّما هي أعمالكم أحصيها لكم ثمّ أوفيكم إيّاها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه»([1])، فهي ابتلاءاتٌ للنّاس، وهي أعمالٌ، من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس: ﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ﴾؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى شاكرٌ عليمٌ، وهو القائل: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: من الآية 7]، أي كلّما شكرتم كلّما زاد عطاؤه سبحانه وتعالى، وهنا قدّم الشّكر على الإيمان؛ لأنّ الشّكر يتعلّق بالنّعمة والإيمان يتعلّق بالمنعم، فالإنسان أوّلاً يرى النّعمة وبعد ذلك يؤمن بالمنعم، والله سبحانه وتعالى أرحم من كلّ البشر بالبشر؛ لأنّه خالقهم وربّهم، وما خلقهم من أجل أن يعذّبهم: ﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ﴾، فالإنسان كلّما شكر كلّما زاد ما يتلقّاه من عطاء الله سبحانه وتعالى.