الآية رقم (134) - مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا

الثّواب: هو الجزاء على العمل، والله سبحانه وتعالى يقول لك: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾.

ثواب الدّنيا: ما يعطيه سبحانه وتعالى للإنسان من صحّةٍ ومالٍ وعطاءٍ ورزقٍ.

ثواب الآخرة: رضوان الله سبحانه وتعالى وجنّات النّعيم.

فمن كان يريد ثواب الدّنيا فليعمل عملاً صالحاً، فالله سبحانه وتعالى خلق أشياء تنفعل لك، وأشياء تنفعل بك، فمن الأشياء الّتي تنفعل لك: الشّمس والقمر والهواء واللّيل والنّهار والأرض والغيوم والمطر والحيوانات والنّبات وغيرها.. هذه الأشياء جعلها الله سبحانه وتعالى تنفعل لك أيّها الإنسان، وهي للمؤمن ولغير المؤمن، فلا يمكن للشّمس أن تطلع على المؤمنين وتقول: سأحجب نوري وضوئي عن الكافرين، والهواء لا يمكن أن يتنفس منه المؤمن ويحجبه الله سبحانه وتعالى عن غير المؤمن، والماء لا ينزل للمؤمن ويترك الكافر، والأرض لا تنبت للمؤمن وتترك الكافر.. فإذاً هناك أشياء تنفعل لك بإرادة الله سبحانه وتعالى، وهناك أشياء أخرى تنفعل بحركتك، وهذا هو مناط التّقدّم والنّهضة والحضارة والعطاء، فصحيحٌ أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الشّمس وهي تعطيك الضّوء والدّفء، لكن إذا تحرّكت، إذا درست، وإذا تعلّمت الفيزياء وتخصّصت، وبُنِيَت المعامل فيمكنك استخدامها كمصدرٍ لتوليد الطّاقة الكهربائيّة، إذاً هناك أشياء تنفعل بحركتك وأشياء تنفعل لك خلقها الله سبحانه وتعالى، وطلب من الإنسان أن يأخذ بالأسباب في هذه الحياة الدّنيا، فمن يأخذ بالأشياء الّتي تنفعل له ويتحرّك معها يعطيه المولى سبحانه وتعالى بغضّ النّظر إن كان مؤمناً أم غير مؤمنٍ. مثلاً: تقول: لماذا الدّول الغربيّة هي الدّول المتقدّمة وهم لا يؤمنون وهم…، لماذا تنفعل لهم الأشياء الّتي خلقها الله عزَّ وجل؟ تنفعل لهم من جرّاء حركتهم، فهذا من ثواب الدّنيا.

مَنْ كانَ: اسم الشرط مبتدأ والفعل الناقص في محل جزم فعل الشرط

يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا: فعل مضارع ومفعوله ومضاف إليه والجملة في محل نصب خبر كان واسمها ضمير مستتر

فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا: عند ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ثواب الدنيا مضاف إليه والجملة في محل جزم جواب الشرط من وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من وجملة «مَنْ كانَ يُرِيدُ» مستأنفة

وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً: سبق إعراب مثلها.

من كان يريد: ممن أظهرَ الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل النفاق، الذين يستبطنون الكفر وهم مع ذلك يظهرون الإيمان

ثواب الدنيا: يعني: عَرَض الدنيا بإظهارهِ مَا أظهر من الإيمان بلسانه.

فعند الله ثواب الدنيا: يعني: جزاؤه في الدنيا منها وثوابه فيها، وهو ما يصيبُ من المغنم إذا شَهِد مع النبي مشهدًا، وأمنُه على نفسه وذريته وماله، وما أشبه ذلك. وأما ثوابه في الآخرة، فنارُ جهنم.