بعد كلّ ما ذكره المولى سبحانه وتعالى عن غزوة أُحُد ومخالفة الرّماة وعن الشّهادة وعن فعل اليهود ومؤامراتهم وعن مكرهم وضلالهم وحقدهم أراد الله أن يُعلّم البشر أنّه لا يجري شيء في ملكه إلّا بأمره، وهو قانون عامّ:
﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾: له الملكيّة وله القدرة، هذا قانون حتّى يطمئنّ المؤمن، وحتّى يُنذر المشرك والكافر والجاحد بأنّ هذا ملك الله وهذه قدرته، وأنّه يملك كلّ شيء، ولا شيء في ملكه خارج عن قدرته.
﴿وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: يملك ويقدر وهو الوحيد الفعّال لما يريد، وهو يملك السّماوات ويملك الأرض، ويقول سبحانه وتعالى في آيات أخرى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران]، يملك من يملك أيضاً، فملوك الأرض يعتقدون أنّهم يملكون، والله مالك الـمُلك، يملك السّماوات والأرض، ومَن في السّماوات ومَن في الأرض.