كانت الآيات تتحدّث عن غزوة أُحُد، والله سبحانه وتعالى بيّن في الآيات السّابقة التّمحيص والابتلاء اللّذين حدثا في ذلك الوقت من خلال موقعة أُحُد وأدّيا إلى وجود بعض التّشكيك من المنافقين في ذلك الوقت، ثمّ يتابع المولى سبحانه وتعالى فيقول: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾؛ لأنّ دخول الجنّة يحتاج إلى العمل، وهذا التّمحيص وهذا الابتلاء الّذي يُبتلى به الإنسان هو السّبيل للدّخول إلى الجنّة، لذلك قال تبارك وتعالى: ﴿وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾؛ لأنّ الصّبر هو العدّة الأساسيّة لمواجهة الابتلاءات في الحياة، لذلك قلنا سابقاً إنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾ [البقرة: من الآية 45]، فقدّم الصّبر على الصّلاة؛ لأنّ الصّبر أثر من آثار الصّلاة والصّلة بالله سبحانه وتعالى، فقد تستطيع أن تصلّي ألف ركعة، لكنّك لا تستطيع أن تصبر دقيقة على أمر، فمجاهدة النّفس بالصّبر هي السّبيل لمواجهة ابتلاءات الحياة، لذلك قال جلّ وعلا: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: من الآية 155].
﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ﴾: ألا يعلم الله؟ إنّه يعلم، ولكن هذا الامتحان وهذا الاختبار لك وليس لله جل جلاله، فالله سبحانه وتعالى لم يجر لك الامتحان لكي يعلم إن صبرت أم لا، هو يعلم ولكنّه يُحاسب الإنسان على عمله وليس على علم الله عز وجل.