نتحدّث أوّلاً عن سبب النّزول ثمّ نتحدّث عن المعنى العامّ، ونقول دائماً: إنّ القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى وصفة من صفاته، فهناك خصوصيّة في السّبب وعموميّة في المعنى تنطبق على كلّ النّاس وعلى كلّ الأحوال، أمّا سبب النّزول فإنّ صاحب السّؤال الّذي توجّه بهذا السّؤال لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو رجل كبير اسمه عمرو بن الجموح، هذا الرّجل له قصّة، قبل معركة أُحد ذهب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان أعرجَ فطلب أن يشارك معه في المعركة، ولكن له عذر كما قال سبحانه وتعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح: من الآية 17]، فعن أشياخ من بني سلمة قالوا: كان عمرو ابن الجموح أعرجَ شديد العرج، وكان له أربعة بنين شباب يغزون مع رسول الله سبحانه وتعالى إذا غزا، فلمّا أراد رسول الله : أن يتوجّه إلى أُحد قال له بنوه: إنّ الله عزَّ وجلّ قد جعل لك رخصة، فلو قعدت فنحن نكفيك، فقد وضع الله عنك الجهاد، فأتى عمرو بن الجموح رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، إنّ بنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، والله إنّي لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنّة، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أمّا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد»، وقال لبنيه: «وما عليكم أن تدعوه لعلّ الله يرزقه الشّهادة»، فخرج مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقتل يوم أُحُد شهيداً([1])