وفي هذا القول فعلٌ وردُّ فعلٍ، الفعل هو العمل الصّالح في الأيّام السّالفة الماضية الّتي خلت، وردّ الفعل هو الطّعام والشّراب الهنيء في الآخرة، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾[الحاقّة]، فهذا تعليل لما هم فيه من نعيم أنّهم كثيراً ما تعبوا واضطهدوا وعُذِّبوا، وجزاء من عُذِّب في الدّنيا أنْ نُسعِده في الآخرة.
﴿هَنِيئًا﴾: فلتهنأ أنفسكم وتسعد بما تأكلونه وتشربونه دون أن يضرّكم أو يُلجئكم إلى المهضّمات من العقاقير، إنّه طعام وشراب هنيء تستلذّون به.
﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾: تعملون غير تفعلون وغير تصنعون، فالعمل يشمل الأفعال كلّها الّتي بالجوارح، اليد والقدم والعين وغيرها، ويشمل أيضاً عمل القلب، مِن الصّدق والإخلاص والتّسامح، لذلك قال تعالى: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، ولا يفكّر أحدٌ أن يكون نصيبه من العمل عمل قلبه فقط، بل ليأخذ معه إلى الدّار الآخرة أعمال جوارحه أيضاً، ليثيبه الله تعالى جزاء عمله ما يسرّه، ويقال له: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.