يُخَاطب نوحٌ عليه السلام ربّه ويُخبره تعالى أنّ قومه قد عصوه، ونوحٌ يعلم أنّ الله تعالى يعلم ما كان منه ومن قومه، حتّى قبل أن يُرسِل نوحاً إلى قومه، ولكنّ نوحاً مُرْسَلٌ من ربّه إلى قوم أشركوا بالله عز وجل آلهةً أخرى مع الله تعالى أصناماً وأوثاناً، ودّاً وسُواعاً ويغوث ويعوق ونَسْراً، وما دام نوحٌ عليه السلام مُرْسَلاً من ربّه فلا بدّ أن يُخبِر مَنْ أرسله بنتيجة رسالته إعذاراً أنّه بلّغ قومه ما أمره الله تعالى به أن يُبَلِّغه، فيا ربّ قد بلّغتُ رسالتك، قال تعالى عن رسالة نوح عليه السلام الّتي أُمِرَ أن يُبلِّغها لقومه: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾[المؤمنون]، وهم لم يَقبلوا دعوته وعصوه وعذّبوا سيّدنا نوح عليه السلام.
﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾: خالفوا أمري ورفضوا دعوتي لهم إلى الهدى والرّشاد، فعصوني فيما أمرتهم به، أو فيما دعوتهم إليه من توحيد الله عز وجل.
﴿وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾: فاتّبع سفلة القوم وضعفاؤهم رؤساءَهم وقادتَهم الفاسدين الّذين كانوا يحوزون المال والثّروة، ويحوزون من الولد ما جعل لهم منعةً وقوّةً وعزوةً استخدموها في رفض دعوة الله تعالى، لقد رزقهم الله تعالى المال والولد فلم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم إلّا ضلالاً في الدّنيا وهلاكاً في الآخرة.