الآية رقم (40) - مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ

﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾: من دون الله عزَّ وجلّ.

﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم﴾: أنتم تعبدون أسماء فقط لا مسمّيات، لا حول لهم ولا قوّة، أطلقتم عليها هذه الأسماء وقلّدتم الآباء.

﴿مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾: السّلطان: الدّليل؛ أي دليل العقل والحُجّة والبرهان.

﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾: الأمر والقدرة والقوّة لله جلَّ جلاله، وإن أعطيتكم الآن تفسيرًا للرّؤيا فهذا من الله عزَّ وجلّ ففي كلّ أمرٍ من أمور الدّنيا والآخرة، في معاشنا وفي حياتنا وفي عملنا وفي كلّ أمرٍ من أمورنا الحُكم لله سبحانه وتعالى.

﴿أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾: العبادة ليست كما يعتقد بعضهم بأنّها فقط صلاةٌ وصيامٌ وحجٌّ وزكاةٌ، وإنّما العبادة هي طاعةٌ فيما أمر وانتهاءٌ عمّا نهى وزجر.

﴿ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾: هذا هو الدّين الّذي يحمل القِيم.

﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾: لا يعلمون الحقيقة.

«ما»: نافية.

«تَعْبُدُونَ»: مضارع مرفوع بثبوت النون.

«مِنْ دُونِهِ»: متعلقان بمحذوف حال والجملة مستأنفة.

«إِلَّا»: أداة حصر.

«أَسْماءً»: مفعول به.

«سَمَّيْتُمُوها»: ماض والتاء فاعله والواو للإشباع والهاء مفعوله والجملة صفة لأسماء.

«أَنْتُمْ»: توكيد لفاعل سميتموها في محل رفع مثله.

«وَآباؤُكُمْ»: معطوف على التاء والكاف مضاف إليه.

«ما»: نافية.

«أَنْزَلَ اللَّهُ»: ماض ولفظ الجلالة فاعله.

«بِها»: متعلقان بأنزل والجملة صفة ثانية لأسماء.

«مِنْ»: حرف جر زائد.

«سُلْطانٍ»: مفعول به مجرور لفظا منصوب محلا.

«إِنِ»: حرف نفي.

«الْحُكْمُ»: مبتدأ.

«إِلَّا»: أداة حصر.

«لِلَّهِ»: لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بالخبر المحذوف والجملة مستأنفة.

«أَمَرَ»: ماض وفاعله مستتر.

«إِنِ»: ناصبة.

«لا»: نافية.

«تَعْبُدُوا»: مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو وفاعل.

«إِلَّا إِيَّاهُ»: وإلا أداة حصر وإياه ضمير منفصل في محل نصب مفعول به والجملة مستأنفة وأن وما بعدها في محل جر بالباء المحذوفة ومتعلقان بأمر.

«ذلِكَ»: اسم الإشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب.

«الدِّينُ»: خبر.

«الْقَيِّمُ»: صفة.

«وَلكِنَّ أَكْثَرَ»: الواو عاطفة ولكن واسمها.

«النَّاسِ»: مضاف إليه والجملة معطوفة.

«لا»: نافية.

«يَعْلَمُونَ»: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر.

سَمَّيْتُمُوها: سميتم بها أصناما.

ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها: أي بعبادتها.

مِنْ سُلْطانٍ: حجة وبرهان، أي فليست هي إلا أشياء ذات أسامي أطلقتم عليها من غير حجة تدل على تحقق مسمياتها فيها، فكأنكم لا تعبدون إلا الأسماء المجردة، والمعنى أنكم سميتم ما لم يدل على استحقاقه الألوهية عقل ولا نقل آلهة، ثم أخذتم تعبدونها باعتبار ما تطلقون عليها.

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ: أي ما القضاء في أمر العبادة إلا لله وحده لأنه المستحق لها بالذات، من حيث إنه الواجب لذاته، الموجد للكل، المالك لأمره.

أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ: أمر على لسان الأنبياء ألا تعبدوا إلا الذي دلت عليه الحجج.

ذلِكَ التوحيد الدِّينُ الْقَيِّمُ: المستقيم الحق، وأنتم لا تميزون المعوج من القويم. وهذا من التدرج في الدعوة وإلزام الحجة، فإنه عليه السّلام بين لهم:
أولا- رجحان التوحيد على تعدد الآلهة.
وثانيا- برهن على أن ما يسمونها آلهة ويعبدونها لا تستحق الألوهية، فإن استحقاق العبادة إما بالذات وإما بالغير، وكلا القسمين منتف عن تلك الآلهة.
وثالثا- نص على ما هو الحق القويم والدين المستقيم الذي لا يقتضي العقل غيره ولا يرتضي العلم دود.

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ: وهم الكفار.

لا يَعْلَمُونَ: فيخبطون في جهالاتهم، ولا يدرون ما يصيرون إليه من العذاب، فهم يشركون.